أشار راعي أبرشية ​البترون​ المارونية ​المطران منير خيرالله​ إلى أننا "نقيم ذكرى العشاء ​الفصح​ي هذه السنة في ظروف استثنائية جدا: كنائسنا مقفلة وشعبنا موضوع في حجرٍ في البيوت. لكننا نسمع يسوع يقول لكل كاهن منا: قولوا لصاحب كل بيت ولرب كل عائلة في رعاياكم: " لأني عندك أريد اليوم أن آكل عشاء الفصح مع تلاميذي".

وخلال قداس ​خميس الأسرار​ في المطرانية في دير مار يوحنا مارون في كفرحي من دون مؤمنين، لفت إلى أنه "يصبح كل بيت من بيوتنا علية عشاء الفصح"، مشيراً إلى أننا "نشعر نحن فيما نحتفل لوحدنا أننا نقيم الإفخارستيا معهم في بيوتهم وفي حضور يسوع، ونتأمل في الوقت نفسه بسر يسوع الإله الذي تنازل من ألوهيته وصار إنسانا واتخذ صورة العبد ليخدم البشر".

وفي حين لفت إلى أن "رسالتنا اليوم هي في أن نتشبه بالمسيح بالمحبة والتضحية والخدمة، لذلك فقد أوصيناكم، في أول تعميم لنا في ​14 آذار​، أنتم الكهنة المؤتمنون على رعاية النفوس، أن تبقوا حاضرين في رعاياكم تؤمّنون السهر على الرعية كالمسيح الراعي الصالح، وتحتفلون بالقداديس والصلوات على نية شعب الله الغائب قسرا، وأوصينا المؤمنين أن يلتزموا بيوتهم ويحولوها إلى كنائس بيتية فتكون واحة روحية ومساحة اجتماعية لكل عائلة".

وأضاف: "التزمتم بكل التدابير كما التزم بها شعبنا، لكني أشعر معكم اليوم بحسرة وغصة وأقدر كم عانيتم وتعانون فيما أنتم تحتفلون، وللمرة الأولى في حياتكم الكهنوتية، بقداديس واحتفالات أسبوع الآلام لوحدكم من دون المؤمنين وهم في حجرٍ قسري في بيوتهم"، لافتاً إلى أنه "أقدر معاناة أبنائنا وبناتنا المؤمنين وهم متعطشون إلى المجيء إلى الكنيسة والمشاركة في الاحتفالات الليتورجية ليسيروا كعادتهم مع يسوع في درب آلامه وجلجلته وصلبه وموته فيستحقوا معه القيامة الجديدة، وأقدر كم تشعرون، يا إخوتي الكهنة ويا أحبائي المؤمنين، بحسرة وغصة في القلب فيما تقيمون الصلاة على موتاكم وأنتم لا تستطيعون أن تودّعوهم بلمسة حنان وكلمة تعزية، فأستحضر معكم غصة يسوع وهو يحتفل بعشاء الفصح مع تلاميذه ويودعهم قائلا: شهوة شديدة اشتهيت أن آكل هذا الفصح قبل أن أتألم، وأتصور أن حالتنا اليوم في مواجهة وباء ​كورونا​ تشبه إلى حد بعيد حالة يسوع على الصليب وهو منهوك إنسانيا لا يستطيع أن يفعل شيئا: لا يستطيع أن يتحرك، ولا أن يبارك، ولا أن يتكلم وهو كلمة الله. ولكنه في الوقت نفسه يتمّم الفداء عن البشر بموته وقيامته كي يخلّصهم ويعطيهم الحياة الأبدية".

وتوجه الى الكهنة بالقول: "تابعوا صلواتكم عن شعبكم وقدّموا تضحياتكم، لأن الصلاة والشفاعة، كما يقول المكرّم البطريرك الياس الحويك، هما من وظائف الكهنوت الجوهرية، تطلّعوا إلى عشرات الكهنة الأبطال، كما يسمّيهم قداسة ​البابا فرنسيس​، في إيطاليا وغيرها، الذين بذلوا حياتهم تشبهًا بالمسيح عن أبناء رعاياهم. إشهدوا للرجاء الذي فيكم وكونوا مثالاً في المحبة والتضحية والخدمة، لأن الحياة تُقاس بمقدار المحبة، ولا تنفع شيئًا إذا لم نخدم. إشهدوا بفرح القيامة أن المسيح باقٍ معنا إلى الابد وتعالوا نطلب منه بشفاعة أمه وأمنا مريم أن يُبعد عنا هذا الوباء، فيولد من محبتنا وتضامننا عالمٌ جديد جديرٌ بحق كل إنسان في عيشٍ حرّ كريم، فنعيّد بعضنا بعضًا قائلين: المسيح قام، حقا قام. آمين".