لم يكن من المتوقع أن تثير المرحلة الأولى من توزيع المساعدات على الأسر الأكثر حاجة موجة واسعة من علامات الإستفهام، نظراً إلى أن الفئات التي كان من المقرر أن يتم توزيع المساعدات الماليّة لها من المفترض أن تكون محددة بشكل دقيق، وهي الأسر الأكثر فقراً، بموجب البرنامج الموجود لدى ​رئاسة مجلس الوزراء​، (حوالي 28000)، السائقون العموميون (حوالي 24000)، مصابو الألغام (حوالي 3000) وأهالي الطلاب المسجّلين في ​المدارس الرسمية​.

لكن قبل أن تبدأ ​المؤسسة العسكرية​ في توزيع هذه المساعدات، تبيّن خلال عمليات التدقيق في اللوائح وجود أخطاء كثيرة وكبيرة فيها، تتعلق بالأسماء التي تتضمنها، الأمر الذي دفع عدداً من النواب والقوى السياسية إلى رفع الصوت عالياً، في حين أعلن وزير الشؤون الإجتماعية والسياحة ​رمزي المشرفية​ عن إرجاء توزيع هذه المساعدات لحين انتهاء الجيش من التدقيق فيها بناء على طلب الوزارة، فما حقيقة ما حصل على هذا الصعيد؟.

من حيث المبدأ، تشير مصادر مطّلعة على هذا الملف، عبر "النشرة"، إلى أنها كانت تتوقع حصول أخطاء في اللوائح التي ستقدّم من قبل البلديّات والمخاتير، نظراً إلى أن الإستنسابية قد تكون حاضرة في هذه المرحلة، إلا أن وقوعها في اللوائح المقدّمة من جهات من المفترض أن تكون مسؤولة هو الأمر المستغرب، نظراً إلى أن ذلك أدّى إلى تأخير توزيعها على المستحقين الفعليين الذين هم بأمس الحاجة لها، في ظلّ الأزمة الإقتصاديّة التي فاقمها تفشي ​فيروس كورونا​ وحالة الإغلاق التي تشهدها البلاد بسبب إعلان مجلس الوزراء التعبئة العامة.

من وجهة نظر هذه المصادر، إكتشاف الخلل قبل البدء في عمليّة توزيع المساعدات أكد أهمية تولّي المؤسّسة العسكريّة لهذه المهمّة، خصوصاً لناحية التدقيق باللوائح التي تُقدَّم لها، بالرغم من هذا يجب أن يكون من مسؤولية الجهات المختصة التي تُقَدِّم اللوائح، وتتوقع أن يكون ذلك رادعاً لمن يفكر في تكرار التجربة في المراحل المقبلة، نظراً إلى أن الجميع بات يدرك أن هناك تدقيقاً سيحصل من قبل مؤسسة مشهود لها، إلا أنها تشدد على أن ذلك لا يلغي ضرورة التحقيق في ما حصل لمحاسبة المرتكبين، في حال وجودهم، أو المقصّرين عن القيام بواجباتهم.

حول هذا الموضوع، كان لافتاً إعلان المشرفية، خلال مؤتمر صحافي، أن الخلل موجود في جميع اللوائح بحسب تدقيق الجيش، مع العلم أنّ الجهات التي قدمتها مختلفة: وزارة النقل (السائقون العموميون)، ​وزارة التربية والتعليم العالي​ (أهالي الطلاب في المدارس الرسمية)، الجيش اللبناني (مصابو الألغام)، وقاعدة البيانات المتعلقة بالأسر الأكثر فقراً الموجودة في رئاسة مجلس الوزراء، بعد الحملة التي كانت قد تعرضّت لها على المستوى السياسي، بالرغم من أن وزارته هي من كانت قد طلبت من الجيش التدقيق فيها.

وتشير مصادر معنيّة في هذا الملف، عبر النشرة"، إلى أنّ الأخطاء متنوّعة منها وجود أسماء تملك أكثر من لوحة عموميّة ومطلوبين للعدالة وأشخاص موجودين خارج البلاد، بالإضافة إلى آخرين ليسوا بحاجة إلى مساعدة أو لديهم مصدر رزق، وبالتالي لا يحق لهم الإستفادة من المساعدات المقررة للأسر الأكثر حاجة، وتلفت إلى أنّ تحديد المسؤوليّات يفترض أن ينطلق من تقرير الجيش، لم يكن قد وصل إلى ​وزارة الشؤون الإجتماعية​ حتى مساء أمس، لكنها تشدد أن ليس هناك من لوائح جديدة قد وضعت بل هي قديمة كانت معدّة في السنوات الماضية.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، ليس هناك ما يدعو للقلق بالنسبة إلى اللوائح التي ستأتي من البلديات والمخاتير، نظراً إلى أنه سوف يتم التدقيق فيها أيضاً، وبالتالي أيّ أخطاء أو سعي إلى الإستغلال والإستنسابيّة لن يمر، الأمر الذي سينعكس سلباً على أي جهة تقوم بذلك وعلى علاقاتها مع المواطنين، وترى أن الحملة التي تعرضت لها وزارة الشؤون الإجتماعية تأتي في سياق الحملة السياسية الشاملة على الحكومة، ولا تستبعد أن يكون خلفها ملفّ التعيينات.