رغم انشغال ​العالم​، وطبعاً كيان الاحتلال الصهيوني، في مواجهة حرب ​كورونا​، التي كشفت هشاشة نظامه الصحي والاجتماعي، وعدم التزام مجتمع الصهاينة المتديّنين بالتعليمات الطبية، وما يؤكد عليه العلماء لناحية خطورة استمرار الاختلاط وعدم التزام العزل المنزلي… لم تتوقف أجهزة أمن الاحتلال عن مواصلة حربها الأمنية ضدّ ​المقاومة​، من خلال العمل على ملاحقة قيادتها وكوادرها ومحاولة اغتيالهم، وهو ما تجسّد في الاعتداء الذي نفذته ​طائرة​ مسيّرة صهيونية على ​سيارة​ مدنية لبنانية في منطقة ​جديدة يابوس​ على الحدود السورية اللبنانية… لكنها فشلت في ​تحقيق​ هدفها في النيل من ركاب السيارة الذين تمكّنوا من مغادرتها قبل إصابتها ب​صاروخ​ أطلقته الطائرة ما أدّى إلى تدميرها..

إذا كانت العملية لم تنجح نتيجة عدم إصابة الصاروخ الأول السيارة مما شكل إنذاراً لكوادر المقاومة الذين كانوا في داخلها، مكّنهم من مغادرتها، إلا أنّ ذلك كشف في الوقت نفسه جملة من الأمور التي يجب التأكيد على أهمية اعتمادها من ضمن استراتيجية وطنية مقاومة في مواجهة الحرب الأمنية الصهيونية..

الأمر الأول، انّ أجهزة الأمن الصهيونية تلاحق كوادر المقاومة بشكل دائم، وهي توظف وتجنّد العملاء باستمرار للوصول إلى المعلومات حول حركتهم وتنقلاتهم، وعندما تتوافر الفرصة لتنفيذ عملية اغتيال لأحد القادة أو الكوادر فإنها تسارع إلى اقتناصها وعدم إضاعتها.. وهذا يعني انّ الحرب الأمنية الصهيونية ضدّ المقاومة لا يوقفها ايّ أمر مهما كان، لا انشغال الكيان بكورونا، ولا بأيّ أمر آخر.. وهي استراتيجية صهيونية دائمة لا تتأثر بأيّ تطورات داخلية قد يشهدها الكيان المحتلّ..

الأمر الثاني، انّ استراتيجية الحرب الأمنية الصهيونية تعتبر المقاومة خطراً داهماً للكيان الصهيوني الغاصب، وتشكل تهديداً وجودياً له، وهذا يتطلب من قادة الجهاز الأمني الصهيوني العمل ليل نهار لمراقبة حركة ونشاط المقاومة..

الأمر الثالث، على الرغم من نجاح المقاومة، بالتعاون مع أجهزة الأمن اللبنانية والسورية، من كشف الكثير من شبكات ​الموساد​ والعملاء الذين تمّ تجنيدهم من قبل العدو، وعلى الرغم من المخاطر التي يواجهها العملاء نتيجة إقدامهم على ارتكاب جريمة التعامل مع العدو، إلا أنّ أجهزة الأمن الصهيونية تجد هناك من هو مستعدّ للتعامل وقبول المخاطرة، وهذا أمر يستدعي بالضرورة استنفاراً دائماً من قبل المقاومة و​الأجهزة الأمنية​ ل​منظومة​ محور المقاومة، لأنّ أيّ تراخ أمني، او ثغرة أمنية في حركة كوادر المقاومة ستشكل فرصة ينفذ منها العدو عبر عملائه لمحاولة اغتيال أحد قادة المقاومة…

الأمر الرابع، انّ هناك حاجة وضرورة ملحة لرفع مستوى المناعة الوطنية والشعبية في مواجهة الاختراقات الصهيونية، وهذا يتطلب العمل على مستويين..

مستوى أول، إعادة نظر بالقوانين التي تجرّم التعامل مع العدو، لناحية تشديد العقوبة بحق العملاء بما يحول أولاً سقوط جرم العمالة بمرور الزمن، كما حصل مع العميل ​عامر الفاخوري​، وثانياً جعل ثمن العمالة كبيراً جداً وقاسياً ويصل الى تنفيذ عقوبة الإعدام… وهذا أمر ضروري لعدم التشجيع على استسهال العمالة…

مستوى ثان، تحصين الوعي الشعبي ضدّ العمالة عبر تعزيز الثقافة الوطنية ونبذ كلّ من يفكر بالتعامل مع العدو.. وصولاً إلى تحصين ​البيئة​ الشعبية وجعلها عصية على الاختراق، وهذا يتطلب أيضاً، تخصيص مكافآت وحوافز مادية لكلّ من يكتشف عميلاً ويرشد الأجهزة الأمنية إليه…

انّ ضرورة عدم التراخي الأمني، والتزام أقصى درجات الاحتياطات الأمنية، يجب أن يترافق أيضاً مع العمل الدؤوب ليكون الشعب بمثابة العين الساهرة التي تحمي المقاومين والوطن من ايّ اختراقات للعدو.. ذلك أنّ المعركة مع العدو الصهيوني إنما هي معركة وطنية شاملة، عنصر الوعي الوطني فيها إزاء خطورة العمالة، لا يقلّ أهمية من عنصر الوعي الأمني، الذي يجب يبقى دائماً في كلً الظروف…