لم يتأخّر الرّد على "الرّسالة الإسرائيليّة" في ​جديدة يابوس​ باتجاه ​حزب الله​، حين استهدفت ​طائرة​ مسيّرة ​اسرائيل​يّة يوم الأربعاء الفائت "جيب" شيروكي يتبع للحزب ب​صاروخ​ّين لم يُصيبا احدا من ركّابه بأذى.. عمليّة "تقطيع" الشريط الحدودي الشائك التي أحدثت بلا شك صدمة لدى قادة الجيش "الإسرائيلي" نظرا للإجراءات اللافتة التي يتخذونها هناك، بما فيها أحدث تقنيّات الرّصد والكاميرات الحراريّة وقوات مراقبة الحدود على طول ​الشريط الشائك​، كما طائرات الإستطلاع التي تجوب سماء تلك المنطقة .. كل ذلك لم يمنع ايصال "الرّسالة" وتقطيع الشريط في نقاط ثلاث مختلفة ومتباعدة هي بالأصل مراقبة من ثلاث كتائب للقوات "الإسرائيلية"، ما جعل ليل الجمعة المنصرم "ثقيلا" على تلك القوات سيّما على وقع سماع دويّ ​انفجارات​ وصفتها وسائل اعلام عبرية ب"الكبيرة" في مستوطنة ​كريات شمونة​ – شمال ​فلسطين المحتلة​.

ونقلا عن شهود عيان وتسريبات مراسلين في مواقع اخباريّة عبريّة، فإنّ ليل الجمعة الفائت مرّ "بشكل مخيف" على المستوطنين في كريات شمونة، بعد شيوع انباء، تارة عن تعرّض المستوطنة لهجوم صاروخي، طوراً عن تعرّضها لعمليّة تسلّل من جانب مقاتلي حزب الله..

سارع على إثرها المتحدث باسم الجيش "الإسرائيلي" الى نفي واقعة الهجوم الصاروخي، كما دحض الأنباء عن عمليّة تسّلل من دون الإفصاح عن ماهيّة الإنفجارات المتلاحقة في كريات شمونة.

لن تكشف ​تل ابيب​ بالطبع ما حصل في المستوطنة المذكورة، ربطا بالرّقابة العسكريّة الصّارمة التي تفرضها على أرباب وسائل الإعلام و​الصحافة​ العبرية، ومنعها من تسريب ايّ انباء تتعلّق بأحداث او خروق "أمنيّة" تسدّدها "الجهة المعادية".. تماما كما حصل في مطار بن غوريون في الثالث من شهر تموز عام 2017 ، حين هزّ "حدث امني" وُصف ب" الخطير وغير المسبوق" ​المطار​ المذكور، وأجبر حينها سلاح الجوّ و​وزارة​ الأمن "الإسرائيليَّين"، الى توجيه أمر طارئ بإغلاق المجال الجويّ.. وقتذاك، سرّبت وسائل اعلام عبريّة خبر هذا الخرق تحت عنوان" حدث امني خطير يحصل في مطار بن غوريون، والرّقابة العسكريّة تمنع نشر اي ​تفاصيل​ حوله"!

لطالما شكّل احتمال تسلّل رجال ​المقاومة​ ال​لبنان​يّة الى داخل المستعمرات "الإسرائيليّة" هاجسا لدى القادة الأمنيين والإستخباريّين في "اسرائيل"..

سبق لضابط الهندسة في لواء 300 بالجيش"الإسرائيلي" إلياهو غاباي، ان أقرّ في حديث لموقع "​تايمز​ اوف يسرائيل"،بازدياد وتيرة القلق داخل الكيان من تسلّل رجال حزب الله الى داخل المستعمرات "الإسرائيلية"، قائلا "إنّ بناء المنحدرات وتغيير التضاريس وحفر الخنادق واقتلاع الأشجار إبتداء من حدود أفيفيم حتى ​رأس الناقورة​، هو لحماية سكان تلك المستوطنات من "مفاجآت" حزب الله.

الا انّ الحماية تلك، شكّك بها احد الجنرالات السابقين، حيث قال حرفيا للموقع المذكور" الخوف من ان يكون رجال حزب الله قد باتوا بالفعل داخل مناطقنا، عبر انفاق لم تستطع أجهزة استخباراتنا كشفها حتى اللحظة".

آثرت قيادة حزب الله إهمال "رسالة" جديدة يابوس، وعدم التعليق عليها.. وبدا واضحا انّ ما حصل ليل الجمعة الفائت، إقتصر على توجيه "رسالة تحذيريّة" مضادة الى تل ابيب دون تغيير في قواعد الإشتباك..تماما كما فعلت الأخيرة في تسديد غارتها "الصّوتيّة"، حيث تقصّدت استهداف السيارة التابعة للحزب في جديدة يابوس- اي في الجهة السوريّة من منطقة ​المصنع​، وليس انطلاقا من الجانب اللبناني، كما عدم ايقاع اي ​ضحايا​ في صفوف الهدف المقصود.. لعلّ كلمات الأمين العام لحزب الله السيّد ​حسن نصرالله​ لا تزال تحفر عميقا في أذهان قادة الكيان، حين حذّرهم من مغبّة استهداف اي من المقاومين في سورية، لأنّ الردّ سيكون من لبنان.

الا انّ التزام الطّرفّين بسقوف قواعد الإشتباك، لا يسري بطبيعة الحال على مسار الحرب الإستخبارية بينهما.. ثمّة معلومات صحافيّة لبنانية، تحدّثت عن "كمين" أمسك بشبكة من أخطر الشبكات التجسّسية في لبنان لصالح الكيان الإسرائيلي، والإطباق على أخطر رؤوسها،"الذي يُعتبر "كنزا ثمينا" بالنسبة لإسرائيل- بحسب ما نقلت المعلومات عن مصدر غربيّ وصفته ب"المطّلع".

لا شكّ انّ "الرسالة " الحدودية شكلت احراجا كبيرا للمنظومة الأمنيّة والإستخباريّة في الكيان الإسرائيلي، وهو ما أقرّ به محلّلون وخبراء عسكريّون في الصحف وعلى شاشات التلفزة العبريّة، سيّما بعد "حفلة" تدمير الأنفاق الإعلاميّة الشهيرة التي ادارتها تل ابيب، بهدف ​القضاء​ على اي امكانيّة تسلّل لمقاتلي حزب الله عبر تلك الأنفاق.. والأهم، انّ المقاومين تقصّدوا توجيه رسالتهم مقابل رسالة جديدة يابوس الصاروخية وفق قاعدة" بطريقة بدائيّة بسيطة دون اطلاق صاروخ او حتى رصاصة واحدة، نستطيع هزّ شباك منظومتكم الأمنية والإستخبارية"!

اللافت، انّ خطورة الخرق الحدوديّ على الكيان "الإسرائيلي" تنسحب ايضا على داخل أروقته الأمنيّة التي تشهد خروقات خطيرة تُحيطها الرّقابة العسكرية الإسرائيلية بهالة من التكتّم الشديد!..

المحلّل السياسي في القناة 12 العبريّة امنون ابراموفيتش- وهو من الصحافيّين البارزين في الإعلام العبري، كشف في مقال له بصحيفة "يديعوت احرونوت" في شهر شباط الماضي،-استنادا الى ما اسماها "محافل رفيعة جدا في المنظومة الأمنيّة والعسكريّة "الإسرائيليّة"، " انّ الخروقات الأمنيّة داخل "اسرائيل"وصلت الى مرحلة خطيرة، ودعا الرقابة العسكرية للسّماح له بنشر هذه الأمور"الخطيرة جدا" على ​أمن الدولة​ العبريّة- بحسب تعبيره.

ثمّة من يسأل داخل الكيان" من يؤكد انّ رجال حزب الله لا يعبرون الى داخل مناطقنا الحدودية.. ويعودون ادراجهم، بسهولة.. مثلما استطاعوا فتح ثغرات في الشريط الحدودي وهو تحت رقابتنا العسكرية والإستخبارية المكثّفة"؟