بعيدا عن كلام أحد ثوار جل الديب، المحسوبين على ​حزب القوات اللبنانية​، الذي اتهم الحكومة الحالية باستيراد "الكورونا" من إيران الى لبنان، لا يمكن إغفال "غزل" النائب ستريدا جعجع، وقبلها رئيس الحكومة السابق تمام سلام، بوزارة الصحّة، وزيرا وفريق عمل، فهذا المديح، يعبّر بما لا يدع مجالا للشك، عن عدم وجود نوايا لتفجير علاقة الاحزاب خارج السلطة، ب​حزب الله​ الموجود داخل الحكومة.

كان يقوم وزير الصحة حمد حسن بواجبه عندما زار بشري ودعم أهلها بمواجهة الكورونا، تقول مصادر مطلعة، مشيرة عبر "​النشرة​" الى أن حسن أثبت بعمله لا بتصاريحه، أنه وزير صحة كل لبناني، وهذا الامر جعل خصومه بالسياسة يقدّرون عمل وزارته في الحرب على الوباء، وهذا التقدير تجاوز الحدود اللبنانية ووصل الى منظمة الصحة العالمية التي تعلم ميول وزير الصحة السياسية.

بالنسبة الى الوزير فإن بشري لا تختلف عن بعلبك، ولا عن الضاحية الجنوبية، ولا عن أي قرية جنوبية، والتعاطي معها كان على هذا الأساس، وترى المصادر أنه بحال ساهمت طريقة تعاطيه مع بشري بخلق نوع من "الودّ" من قبل جمهور القوات اللبنانية تجاه حزب الله فهذا أمر إيجابي، اذ أن الحريص على مصلحة لبنان لا يمكنه الا أن يشجع أي مبادرة تقريبية بين اللبنانيين.

إن غزل "القوات" بعمل وزارة الصحة، لا يختلف كثيرا عن غزل تيار "المستقبل" بها، فبالأمس كان لافتا كلام تمام سلام في أروقة قصر الأونيسكو، اذ قال بأنه لا بد من توجيه التحية لوزير الصحة والوزارة، على ادائها بمواجهة الكورونا، وربما هذا التصريح يعكس سياسة ​تيار المستقبل​، التي وبحسب مصادر قيادية في "المستقبل" غير مبنيّة على السلبية تجاه الحكومة، بل على الإيجابية المطلقة.

وتضيف مصادر "المستقبل" عبر "النشرة": "منذ ولادة حكومة ​حسان دياب​ تعاطينا معها بإيجابية، وأعطيناها مهلة للعمل وتصحيح الأوضاع الاقتصادية السيّئة، خصوصا أن استقالة سعد الحريري كانت لأجل هذا الهدف، ولا زال تيار المستقبل يتعامل مع الحكومة بإيجابية، اذ لا يمكن لأحد اليوم نكران العمل الجيد الذي تقوم به وزارة الصحة في الحرب على الكورونا، ولكن بالمقابل لا يمكن لاحد نكران التخبط في الملفّ المالي، وعدم قدرتها على تحقيق أي تقدم على هذا الصعيد".

وترى المصادر أن معارضة تيار المستقبل للحكومة لم تأت من فراغ، بل جاءت بعد تجارب عديدة أثبتت فشلها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، ملف التشكيلات القضائيّة الذي لا يزال عالقا بسبب التدخلات السياسية، وهنا لا يمكن لاحد ألاّ يرى أن تقاسم الجبنة القضائية هو سبب تعليقها، وبالتالي لا بد من رفع الصوت، وهذا دور المعارضة الأساسي، وهو الإضاءة على الخلل بالحكم والحكومة، كذلك لا يمكن لأحد ألاّ يرى حال التخبط بالنسبة للخطة المالية، فرغم مرور 3 أشهر على التشكيل لا تزال الحكومة بحالة ضياع مالي، فلا تعلم إن كانت ستلجأ للمؤسسات المالية الدولية، وما هي خياراتها بعد التوقف عن دفع الديون الخارجية"، مشيرة الى أن تيار المستقبل لم يتنصل يوما من مسؤولياته، وهو يعلم أن الوضع المالي لا تتحمل مسؤوليته الحكومة الحالية، ولكنها حتما المسؤولة عن إيجاد الحلول، أليس هذا أساس تولي المسؤولية؟.

تشدد مصادر "المستقبل" أن دور التيار في المعارضة سيلعبه بكل قوة، في السياسة لا بالشارع، لأنّ الهدف تصويب المسار لا الفوضى، ولعبة الشارع لا تخدم احدا. إن كل المعطيات السياسية اليوم تشير الى أنّ الكلام عن تحالفات ثنائيّة وثلاثيّة لإسقاط الحكومة غير دقيق، وبالتالي مخطئ من يظن أن تيار "المستقبل"، أو "القوات اللبنانية" يريدان استقالة الحكومة بشكل عاجل، كذلك فإن ربط لقاءات السفيرة الاميركية في بيروت دوروثي شيا بإعلان حرب سياسية على الحكومة لإسقاطها ليس بمحله، اذ تشير مصادر سياسية مطلعة عبر "النشرة" الى أن مساعي السفيرة الاميركية هي للحصول على مكاسب معينة من الحكومة الحالية، سواء بالسياسة أو بملفات التعيينات، ولا تسعى بأي شكل من الأشكال لإسقاطها لأن سقوطها حاليا بظل التقسيم السياسي الحالي يعني استمرارها كحكومة تصريف أعمال لمدة طويلة جدا، الأمر الذي لا يفيدها.

اذا كل الزخم السياسي ضد الحكومة، الداخلي والخارجي، هدفه التعيينات، بكل فئاتها، اذ لا تريد الأحزاب التي بقيت خارج الحكم أن تخسر مراكزها الرفيعة في الدولة.