تميّزت بلدة Mulhouseالتي تقع شرقي ​فرنسا​ عن غيرها من القرى الفرنسية، فهي التي شهدت انطلاقة وباء "كورونا" في فرنسا لتعتبر بؤرة لتفشّيه، الى درجة أن أحد الأطباء اللبنانيين الذين عاشوا تلك المرحلة يصفونها بـ"ووهان فرنسا"... هناك خطر الموت كان حتمياًف​المستشفيات​ إكتظّت والأسرّة لم تعد تتسّع ما دفع المسؤولون لارسال مرضى الى ​المانيا​ و​سويسرا​ للعلاج كون المدينة تقع على الحدود معهم.

وخلف قصّةMulhouse وسائر المدن الفرنسية التي إنتشر فيها وباء "كورونا" قصّة بطولات سطّرها اطباء لبنانيون تصدروا الصفوف الأمامية وشكّلوا خط الدفاع الأول عن الشعب في حرب ضد عدو لا نراه ولا نشعر به ولكن نتحّسس ما يقوم به، على حدّ قول زياد الحاج طبيب الطوارئ الذي يعمل حتى اليوم في مستشفيات فرنسا، لافتا الى أنّ "الصراع مع هذا الوباء قاسٍ ومميت خصوصا وأن البشرية لم تشهد مثيلا له ربما منذ الحرب العالمية".

زياد الحاج هو أيضاً أحد الأطباء الذين تواجدوا في Mulhouseمع بداية انتشاء ​الكورونا​ في فرنسا وفي تلك المنطقة تحديداً، يروي عبر "​النشرة​" قصته،لافتا الى أنه "كطبيب يسافر في كلّ فرنسا حيث تدعو الحاجة"، مشيرا الى أنه "في الفترة التي ظهر فيها الكورونا في mulhouse كان هناك في الثاني من آذار تحديدا"، شارحاًأنه "في تلك الفترة ظهر الوباء وتفشّى وأمرت ​الدولة​ الفرنسية بالاقفال سبعة أيام بعد انتشارالفيروس هناك"، كاشفا أنه "يعمل في الطوارئ والانعاش وهو القسم الاهم في ما يتعلق بالكورونا، ومهمته أن يضع المريض على ​التنفس​ الاصطناعي وايجادالمكان له في الانعاش بعد تحديد الحاجة لذلك أم لا". يربط الطبيب الحاج بين مهمته وبين ما رآه في مولوز، ويقول: "في احدى المستشفيات التي كنت أعمل فيها يوجد ممر أنا اسميته "ممرّ الموت"، لأن مرضى الكورونا كانوا ينتظرون فيه لساعات وساعات، وقد تنتهي "قارورة الأوكسجين" ولا يكون قد وصل دور شخص آخر للمعاينة"، لافتاً الى أن "بعض المرضى كانوا يتقاسمون القارورة الواحدة عبر نقل "الماسك" بين شخص وآخروهذا خطير ولا يجوز ولكنه كان يحصل حتى يستمروا بالبقاء على قيد ​الحياة​".

بدوره رئيس الجمعية اللبنانيّة الفرنسيّة لامراض السكّري والغدد الصمّاء ايلي حداد، فيشرح أن "فرنسا عاشت ارباكا كبيرا مع بداية انتشار وباء كورونا في Mulhouse"، مشيرا الى أنه "كان هناك حفلة اقيمت وبدأت العدوى تنتشر، واستمرّ الاختلاط قائما لايام عدّة ما تسبب بكارثة في المنطقة"، مشيرا الى أن "المستشفيات فيها لم تعد تتسع فاضطروا الى نقلهم الى المانيا للمعالجة".

"في Mulhouse يصل عدد السكان الى مئة الف نسمة،وهناك تسجّل حوالي خمسة وعشرين الف مصاب". هذا ما يؤكده الطبيب زياد الحاج، مشيرا الى أنه "خلف الكارثة التي ضربت تلك المدينة هناك قصص صمود وانسانية ظهرت لم يشهد عليها الشعب الفرنسي سابقا"، لافتا الى أن "الناس بجوار المستشفيات كانت تطهو الاطعمة وتحضرها الى المستشفى، اضافة الى ممرضين أحيلوا سابقا على التقاعد عادوا الى الخدمة من جديد".

دون شكّ سيدوّن التاريخ عن قصص ​فيروس كورونا​ لكنه طبعا سيروي حكاية خاصة لـMulhouse مع هذا الوباء وأهميّة ما قام به الاطباء ​اللبنانيون​ هناك في تلك المرحلة.