لفتت صحيفة "الجمهورية" إلى أنّ "أجواء ​عين التينة​ عكست استياء رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ من محاولة بعض الجهات تفسير مواقفه "على ذوقها ومزاجها، أو توظيف تلك المواقف في الاتجاه الّذي يناسب تمنياتها ومصالحها، في حين أنّ ما يهمّني حصرًا في هذه المرحلة المصيريّة هو إنقاذ الدولة بعيدًا من التجاذبات العبثيّة، وليس أي شيء آخر".

وأكّد بري ردًّا على الاجتهادات في تفسير موقف "​حركة أمل​" من مصير حاكم "​مصرف لبنان​" ​رياض سلامة​، أنّ "المسألة بالنسبة إليّ ليست مسألة حماية رياض سلامة كما أوحى البعض، وأنا آخر من يمكن وضعه في هذه الخانة، وإنّما يتعلّق الأمر بالمنهجيّة الّتي يُفترض اتباعها في مقاربة هذا الملف الدقيق". ولا يخفي امتعاضه من "تفسير البعض سلوك "حركة أمل" في قضيّة حاكم "مصرف لبنان" رياض سلامة بطريقة خاطئة وخبيثة، تتعمّد تشويه حقيقة الموقف وإخراجه من سياقه الأصلي".

وأوضح أنّ قضيّة بحجم تغيير حاكم "مصرف لبنان" لا تُطرح كيفما كان، وإنّما "يجب أن تُناقَش بمسؤوليّة، وأن يتمّ درس كلّ جوانبها ومفاعيلها، والتحسّب جيّدًا لما بعدها، حتّى يأتي أي قرار يُتَّخذ محصَّنًا وصائبًا، بعيدًا من الانفعال والارتجال". ولتقريب الصورة أكثر، أشار إلى "أنّنا الآن داخل غرفة العمليّات وسط جراحة حسّاسة جدًّا، وفي مثل هذا الوضع، عندما يكون الطبيب ممسكًا بشرايين المريض، لا يمكن استبداله فجأة والطلب منه أن يغادر غرفة العمليّات فورًا حتّى لو كان فاشلًا، وإنّما لا بدّ قبل ذلك من وجود تصوّر واضح للسيناريو البديل الّذي سيتمّ اعتماده". وركّز على أنّ "التدقيق أو التحقيق في حسابات "مصرف لبنان" هو أمر ضروري ومُلحّ، وعلينا أن ننتظر نتائجه حتّى يُبنى على الشيء مقتضاه، إذ ربّما يتبيّن أنّ هناك ضرورة أيضًا للمحاسبة وليس فقط للتغيير".

على الصعيد السياسي، ذكر بري "أنّه يشعر بقرف حيال تصاعد وتيرة السجالات والمناكفات الّتي تعكس تجاهلًا لواقع الشارع اللبناني الّذي يئنّ تحت وطأة الأزمة الاقتصاديّة والارتفاع الهائل في ​سعر الدولار​"، مشدّدًا على "أنّه ليس ضدّ ​الحكومة​ ولا يضع العصي في دواليبها، بل يريد لها أن تنجح في مهمّتها الإنقاذيّة، لأنّ الأزمة بلغت حدًّا لا يتحمّل ترف إجراء التجارب، وبالتالي يجب أن يكون النجاح إلزاميًّا، لكن ما يحصل هو أنّ ​حكومة حسان دياب​ تبدو أحيانًا عدوة نفسها". ولاحظ أنّ "دياب محاط ببعض الوزراء- الثقالات، الّذين لم يقدّموا إضافةً إيجابيّةً حتّى الآن، وإنّما يجرّون عربة الحكومة إلى الخلف، بدل أن يدفعوا بها إلى الأمام".

وأشار إلى "انطباعات سلبيّة تكوّنت لديه حول عدد من الوزراء، خلال الجلسة التشريعيّة في ​الأونيسكو​، ما يستوجب منهم أن يضاعفوا جهودهم ليكتسبوا الأهليّة الضروريّة في مواجهة الملفات الّتي يتحمّلون مسؤوليّة معالجتها"، نافيًا أن "يكون معنيًّا بما حُكي عن احتمال إجراء تعديل وزاري". وأكّد أنّ "أي طرح كهذا لم يصدر عن عين التينة ولم يُعرض عليها"، مركّزًا على أنّ "هدفه الوحيد هو السعي إلى تصويب أداء الحكومة عندما تدعو الحاجة، كي تكون على قدر الآمال وعلى مستوى التحدّيات الّتي تواجهها".

كما نوّه إلى أنّ "كلمة دياب بعد انتهاء جلسة ​مجلس الوزراء​ السابقة في ​قصر بعبدا​ انطوت على إيجابيّات عدّة، خصوصًا في المجال الإصلاحي"، متوقّفًا عند ملابسات عدم إقرار مشروع الـ1200 مليار ليرة لبنانية خلال ​الجلسة التشريعية​ الأخيرة في الأونيسكو، "وما رافق ذلك من مسعى لتشويه موقفي بالأسيد السياسي"، لافتًا إلى أنّ "مقاربته لهذا الملف لم تهدف بتاتًا إلى عرقلة عمل الحكومة أو الحؤول دون مساعدة الناس في هذه الظروف الصعبة".

وفسّر بري أنّ "دياب طلب إدراج المشروع بصفة معجّل مكرّر في ذات يوم انعقاد الجلسة، من دون أن تكون كلّ حيثياته واضحة، مع أنّه يرتب استدانة إضافيّة لمبلغ كبير، وعلى الرغم من ذلك تجاوبت مع طلبه، لكن ماذا أفعل إذا تمّ تطيير النصاب، علمًا أنّه جرى إقرار مشاريع أُخرى بصفة معجّل مكرّر وتنطوي على إنفاق مالي، ما يؤكّد الحرص على تسهيل عمل الحكومة". وبيّن أنّ "أكبر دليل على نيّتي مساعدة دياب هو أنّه وللمرّة الأولى في تاريخ رئاستي لمجلس النواب منعت الكلام في الأوراق الواردة، لأنّني شعرت بأنّ هناك اتجاهًا لشنّ هجوم قاسٍ على دياب ونتف الحكومة".