اشار رئيس المنتدى ال​لبنان​ي للهجرة والتنمية ​هيثم جمعة​ الى ان "​الاغتراب​ اللبناني اليوم في أزمة عميقة ناتجة عمّا يجري في لبنان، هذا الاغتراب الذي كنّا نقول إنه قرشنا الأبيض ليومنا الأسود، لم نترك له قرشاً، لم نترك للمغتربين اللبنانيين أي أمل في بلدهم"، ولفت الى ان "اللبنانيين في الخارج مخلصون لوطنهم ومتعلقون به، لكن المؤسف هو أنه على الرغم من كل المؤتمرات التي نظّمت والقصائد التي ألقيت في مديحهم ومقولات التحفيز والدعم، رأينا أن القرش الأبيض قد أُكِل، فهؤلاء الذين قيل لهم إن لبنان هو ملاذكم وأمانكم في فترة من الفترات، بحثوا عن ودائعهم وأموالهم فلم يجدوها والآن هم في حيرة من أمرهم، هؤلاء الذين كانوا يرسلون نحو مئة مليون دولار شهرياً إلى ذويهم حتّى في ظل ​الأزمة​ الاقتصادية، ونحو 51 في المئة من اللبنانيين يصرفون من خيراتهم، وضعنا يدنا على أموالهم وكأننا نقول لهم: لا ترسلوا أموالكم إلى لبنان، واليوم نحن لا نعرف من هو وراء هذه المهزلة إن صحّ التعبير."

ولفت في حديث صحفي، الى ان "المغتربين اللبنانيين المنتشرون في أكثر من مئتي دولة يعانون اليوم على أكثر من صعيد، فالأزمة العالمية أثرت عليهم إلى حد كبير، أمّا أزمة بلدهم، والتصويب السياسي عليهم وضعهم في موقف محرج، ثم جاءت أزمة كورونا فجعلتهم في وضع لا يُحسدون عليه، وهنا علينا اليوم قبل الغد أن نعمل على مراضاتهم وأن نقف على خاطرهم ونعيد إليهم حقوقهم المسلوبة، الحق المسلوب ليس فقط الجنسية، بل هو أيضاً ​المال​ الذي تعبوا فيه في بلدان الاغتراب. اضاف "لنأخذ ​أفريقيا​ على سبيل المثال، ​اللبنانيون​ هناك يعانون من المناخ ومن ظروف العمل والملاريا ومن الأوبئة، ويعيشون في ظروف صعبة، وعلى الرغم من كل ذلك، قلبهم في لبنان وروحهم متعلقة به، وحتى هذه ​الساعة​ هم يهتمّون بقراهم وعائلاتهم وهم مخلصون لهذا البلد أكثر من أولئك الموجودين في داخله".

واوضح جمعة: "هناك بلدان انتشر الفيروس فيها بوتيرة مرتفعة مثل ​أوروبا​ و​أميركا​، وهناك دول لا يزال التفشي فيها منخفضاً، وبالنسبة إلينا في لبنان فقد قطعنا مرحلة الخطر، لذا يجب علينا الالتفات إلى المغتربين لإعادتهم، لا أن نتعامل معهم فقط عند الحاجة إلى أموالهم أو لدى دعوتهم إلى الاستثمار في بلدهم، فيما نتخلى عنهم عندما يكونون في حاجة إلينا فنمتنع عن مساعدتهم".

واعتبر ان ​الحكومة​ تقوم بدور معيّن من أجل إعادة المغتربين لكنه غير كاف، صحيح أن تعاملها يبدو جيداً، لكن أيضاً لا يجوز التصرف وكأن لا أزمة هناك، أي أن نرسل ​طائرة​ كل أسبوع لإحضار عدد قليل من المغتربين من هنا وهناك من دون خطة عمل واضحة، اضاف "لاحظنا أن من بين الفي مغترب تمت إعادتهم، فإن العملية لم تخلق أزمة إصابات، إذ تمّ تسجيل عدد محدود جداً في صفوفهم، وهذا يعود إلى أمرين، الأول، حرص المغتربين على أنفسهم وصحتهم، والثاني الإجراءات المتبعة في الدول المتواجدين فيها، ولذلك ندعو إلى فتح المجال لعودة المغتربين بوتيرة أكبر. اليوم هناك جدول مفصل يمتد على مراحل ما بين 27 الشهر الحالي وحتى ​7 أيار​ المقبل، وهذه بادرة جيدة وقد يكون أساسها نجاح تجربة إعادة الدفعة الأولى.

وطالب جمعة باعتماد خطة سريعة لبدء إجلاء المغتربين من الدول التي فيها تفش اقل ل​فيروس كورونا​ كالبلدان الأفريقية، ثمّ نتفرغ إلى الدول الأخرى. واعتبر بأن هناك ظلماً يلحق بالمغتربين، خصوصاً الطلّاب منهم، فهؤلاء يحتاجون إلى ​تحويلات مالية​ ليصمدوا، لكن عملية التحويل هذه دونها عوائق ومصاعب جمة، تتعلق بسعر صرف ​الدولار​، ف​المصارف​ لا تقبل إلا باعتماد سعر صرف السوق أو تطلب إلى من يرغب بالتحويل شراء الدولار من السوق، وبصراحة هذا ضد المنطق والشرف والأخلاق. واوضح بأن الذين لا يرغبون في العودة حالياً يجب أن ندفع لهم أموالهم كما هي، وهنا أعود على التعميم الجديد الذي أصدره ​مصرف لبنان​ ولا افهمه، إذ كيف يفرض تسليم التحويلات المالية ب​الليرة اللبنانية​، إذا قام مغترب ما بإرسال حوالة بالدولار أو بأي عملة كيف سيستلمها بالليرة؟ لماذا لا تدفع التحويلات بالعملة التي تمت بها؟ وعليه، لا بدّ من الإشارة إلى أن هناك نحو مليار و 200 مليون دولار تحوّل سنوياً إلى لبنان فقط للصرف، هذه أموال تدخل إلى لبنان ويستفيد منها لأنها تصرف فيه، وهناك حقيقة مثبتة بأن 51 في المئة من اللبنانيين يعيشون على التحويلات من الخارج".

وشدد جمعة على أن أي حلّ ينطلق اوّلاً من رفض الهيركات، إذ يجب ان نحافظ على هذه الودائع ليس بمجرد الكلام، بل من خلال خطة واضحة، ف​الدولة​ ومصرف لبنان والمصارف يجب عليهم تحمّل المسؤولية، فهذه الأطراف الثلاثة مسؤولة عن مال المغتربين الذين أودعوه في المصارف التي قامت إمّا بإقراضها إلى الدولة أو إلى مصرف لبنان، الآن المطلوب من هذه الأطراف أن تتفق حول كيفية إجراء الهيركات الذي لا يجب ان يكون على الودائع بل على الفوائد التي استفاد منها البعض بمبالغ هائلة، وبالتالي فإن المطلوب خطة تتقاسم فيها الدولة و​البنك المركزي​ والمصارف المسؤولية، ويتابع: "عاشوا بعز وأخذوا فليعيدوا الأموال الى أصحابها".

ودعا جمعة الجميع إلى تحمل مسؤولياته تجاه المغتربين، محذراً من أن هناك مبالغ تحوّل إلى لبنان قد يخسرها البلد إذا لم تُكف اليد عن ودائع المغتربين، لذا يجب بناء جسر من الثقة مع المغتربين لطمأنتهم بأن وطنهم وأموالهم ووطنهم في خير، فانعدام الثقة لن يبقي من "يؤمّن لبنك في لبنان".