أكد الوزير السابق ​ريشار قيومجيان​، خلال ندوة سياسية، انه "لا يحمل الحكومة الحالية مسؤولية الوضع التراكمي، ولكن كان على هذه الحكومة عدم الدخول في محاور بل ان تركز على عملها من دون الدخول في تصفية حسابات سياسية". واعتبر أنه "ربما اليد الخفية المتمثلة بـ"​حزب الله​" و"​التيار الوطني الحر​" هي من ادخل الحكومة بشكل مباشر الى المعترك السياسي".

وأسف قيومجيان انه "بعد ضغط الناس وصرختهم وفي ظل الوضع القائم، الذين في السلطة اليوم اشبه بتماسيح سياسية اذ يتعاطون وكأن ثورة 17 تشرين لم تقم وكأن البلاد ليست بحاجة الى تغيير في النمط القائمة وفي الذهنية السياسية السيئة، فلا هيئات ناظمة شكلت ولا تعيينات مالية وقضائية".

ولفت إلى أنه "منذ 17 تشرين، نعيش من دون ادارة للوضع القائم حتى بعد الحكومة الجديدة التي رغبنا ان تكون محايدة ومستقلة ولكن للاسف بعد 70 يوما لم نر ان لديها اي خطة لانقاذ ​الوضع المالي​ والاقتصادي. دخلت الحكومة بشكل واضح الى عالم ​المحاصصة​ والمحسوبيات السياسية ما ادى الى شلل العمل الحكومي في البلاد. كيف نعالج الوضع النقدي ولم نستطع القيام ب​التعيينات​ لنواب حاكم ​مصرف لبنان​ ولا وجود لمفوض الحكومة. من هنا تبدأ المعالجة. أين هيبة ​القضاء​ في لبنان اليوم؟ واين التعيينات فيه؟".

وأشار إلى أن "عامل الوقت ليس لمصلحة البلاد ولا لمصلحة الحكومة. الدور الأساسي المطلوب منها اليوم يجب ان يكون دورا إصلاحيا للوضع الاقتصادي والمالي من دون الدخول في الزواريب. ما من سيولة مالية عند المواطنين، لذلك بات أمر ضروري البدء بالإصلاحات القاسية لكي نستمر قبل ان نصبح كالنموذج الفنزولي. اولى الاولويات اجراءات تعيينات مالية لأننا مجبرون على التعاطي من ​البنك الدولي​ و​صندوق النقد​ والدول المانحة. لا يمكن التعاطي بهذه الخفة وبلا هيكلية في مواجهة الوضع".

وشدد قيومجيان على "ان مقاربة ملف التدقيق يجب الا تكون مجتزأة، مؤكداً أن "​القوات اللبنانية​" مع تدقيق مالي شامل وعام لكل وزارات وادارات ومؤسسات الدولة من ضمنها مصرف لبنان، مؤسسة كهرباء لبنان، المرفأ والجمارك، وزارة الطاقة وكل الوزارات حتى تلك التي استلمتها "القوات". وقال:"المطلوب التدقيق المالي من دون استهداف اي موقع او تصفية حسابات او البحث عن كبش محرقة. طالبت دول العالم من لبنان منذ اكثر من سنة ان يبدأ بالإصلاحات لتحسين ​الوضع الاقتصادي​ والمالي وهذا ما كرره الموفد الفرنسي بشأن تطيبق مقررات سيدر، ولكن ما من آذان صاغية ولذلك انسحبنا من الحكومة".

وردا على سؤال، أوضح أنه قيومجيان "قد لا يكون هناك جبهة ومعارضة موحدة اليوم، ولكن كل الافرقاء موحدون حول المطالب الاصلاحية البديهية التي على الحكومة الاسراع بالسير بها. المطلوب واحد خطة انقاذ اقتصادية - مالية بمواكبة صندوق النقد والشروع فورا بالاجراءات الاصلاحية للخروج من المأزق القائم. اخذ الاجراءات هو دور الحكومة لا المعارضة".

واعتبر قيومجيان ان حاكم مصرف لبنان ​رياض سلامة​ ليس السامري الصالح ولا مريم المجدلية حيث الجميع يرجمونه، مضيفا: "سلامة يتحمل جزءا من المسؤولية في ما وصلنا اليه. اما الجزء الاساسي فتتحمله السلطة الحكمة والحكومات المتعاقبة. فهل هو مسؤول عن ​الدين العام​ وعجز الموازنات؟ هل هو مسؤول عن تخمة التوظيفات؟ هل هو مسؤول عن ملف الكهرباء؟".

وأضاف: "اصر بعض الأطراف الى استلام ملف الكهرباء خلال حكومات متعاقبة، رغم فشلهم في إدارته. الاقرار بالفشل فضيلة، وكنت أتمنى على التيار الوطني الحر ان يسلم هكذا ملف لأطراف سياسية أخرى. دين الكهرباء بلغ في لبنان 40 مليار دولار". كما شدد على انه رغم اخطاء او حتى خطايا حاكم مصرف لبنان فيجب الا يحمل وحيدا المسؤولية".

وأوضخ أن "رياض سلامة لا يمكنه ان يتصرف من دون موافقة الحكومات المتعاقبة. ربما كان عليه ان يصارح اللبنانيين بحقيقة الوضع المالي والاقتصادي منذ خمس سنوات ووقف الاستدانة من دون ضبط العجز بالموازنات وتحفيز النمو".

وردا على سؤال، لفت إلى أن "الثورة اليوم ليست موجهة فقط ضد المصارف، وعلينا الانتباه الى عدم تحميل المصارف كل المسؤولية فهي تتحمل جزءا منها. يجب الا ندمج بين مطالب الناس المحقة باسترداد اموالها وبين ضرب ​القطاع المصرفي​ والنظام الاقتصادي الحر في لبنان".

وأشار قيومجيان الى انه ربما من "اسباب نقمة "حزب الله" اليوم على حاكم مصرف لبنان انه ينفذ العقوبات بحذافيرها وذلك بموافقة كل الاطراف السياسية الاخرى، مضيفا: "نحن كدولة ملزمون بتطبيقها والا يكون الامر كارثيا. اتصور أن حزب الله يأخذ الأمور باتجاه استهداف المصارف لأن ال​سياسة​ النقدية والمالية القائمة لا تصب في مصلحته". وقال:" ربما حزب الله يريد ان يجعل من العقوبات في حقه عقوبات على لبنان والوضع النقدي فيه، فيجب الا نقع في هذه الفخ. علاقة لبنان بصندوق النقد الدولي او البنك الدولي او الولايات المتحدة يجب ان تبقى مفصولة عن "حزب الله" والعقوبات في حقه".

وأكد قيومجيان "ان مسؤولية "حزب الله" كبيرة بالعودة الى الدولة والكف عن المغامرات الخارجية وتسليم سلاحه". وقال:""بالطبع وضعية الحزب تؤثر على الوضع المالي والاقتصادي الذي نعاني منه وهو يتحمل جزءا من المسؤولية. القول ان تدخل صندوق النقد الدولي عبر قروض ومساعدات هو نوع من الوصاية كلام غير سليم. نحن مثلنا مثل مصر، اليونان، الارجنتين وغيرها ويجب الا نخجل من الطلب. صندوق النقد موجود لمساعدة الدول التي ترزح تحت عبء ازمات مالية واقتصادية وقد يكون عاملا مساعدا لضبط الفساد والسرقة التي نعاني منها".

وردا على سؤال، أوضح "نحدد مكامن الخلل والفساد الذي يجب معالجته، اما قول بعضهم انه لا يمكن ذلك بسبب وجود حزب مسلح يسيطر مثلا على المعابر غير الشرعية، فانا اقول له إن مرجعيتي الدولة ومؤسساتها الامنية والعسكرية وعليها ان تتحمل مسؤولياتها".

وأشار قيومجيان الى "ان إدارة الشأن العام اليوم بيد حكومة الرئيس حسان دياب وهي تتحمل المسؤولية"، مضيفا:"سعر صرف الدولار ارتفع نسبة لليرة بسبب غياب الناس الكفوءة في إدارة الوضع المالي اللبناني وعدم الانطلاق بخطة انقاذية واصلاحية. يجب الا نحمل المعارضة الخلل في التعيينات، فالقرار في مجلس الوزراء ومعروف خطه السياسي. للأسف التأخير فيه يكمن لأسباب خلافية ضمن الصف السياسي الواحد".

عن دعوات بعضهم الى التأميم، شدد على أنه "لن نسمح بتغير وجه لبنان الاقتصادي الليبرالي او المس بالاقتصاد الحر او بودائع المواطنين او اخذنا الى المنوذج الفنزولي ولا يمكن القبول بطرح بعضهم بالتأميم".

وردا على سؤال، أوضح أنه "لست مغرما بصندوق النقد ولكن لا ارى امكانية لضخ السيولة الا من خلال المؤسسات الدولية. نحن بحاجة لضخ سيولة فورية بـ10 مليارات دولار وفي السنوات الثلاث المقبلة نحن بحاجة لسيولة 30 مليار دولار إضافة الى خطة إصلاحية لمعالجة الوضع الاقتصادي والقطاع العام وآلية عمل الدولة".

وعن تحميل "التيار الوطني الحر" مسؤولية الانهيار الاقتصادي والمالي للسياسات الحريرية، أكد أن "الحكومات المتعاقبة تتحمل جزءا من مسؤولية ما وصل اليه الوضع الاقتصادي الراهن، لكن لا يمكن للتيار الوطني الحر الذي لغى بالأمس كتاب الابراء المستحيل حين كانا "بشهر عسل" ان يحمل اليوم الوضع الاقتصادي على الحريرية السياسية".

وتعليقا على المواقف التي اطلقها رئيسه ​جبران باسيل​ في مؤتمره الصحافي الاخير، رأى أن "ممارسة باسيل الوصاية على الحكومة الحالية تناقض ما جاء في مؤتمره الصحافي عن محاربة الفساد. اذا اردت ان تحارب الفساد عليك ان تتوقف عن المحاصصة وعن التدخل في التعيينات. هذا جزء من منظومة الفساد التي لا تقتصر على النهب المالي بل تشمل ايضا اسلوب الممارسة"، قائلاً: "فليقلعوا عن المزايدات الرخيصة والاستثمار السياسي في ملف السرية المصرفية، هناك اكثر من اقتراح قانون في مجلس النواب ويجب ان يبصر النور قانون واحد. نحن مع رفع السرية المصرفية عن الموظفين وعن كل من يتعاطى الشأن العام وهناك قوانين يمكن تطبيقها اليوم، ولا حاجة لرفع السرية المصرفية بشكل شامل".

كما ذكر ان "القوات اللبنانية" اول من دعا الى الاستقالة وتشكيل حكومة اختصاصيين مستقلين على لسان الدكتور سمير جعجع في اجتماع بعبدا الاقتصادي في 2 ايلول 2019"، وقال: "يا ليتهم ساروا بطرحنا ويا ليتهم بعد الثورة شكلوا هكذا حكومة. رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان طالب الحكومة باسم القوات اللبنانية بالخطة الانقاذية الإصلاحية مرارا في جلسات مجلس النواب، بهدف ان تكون الحكومة والبرلمان خلية عمل إصلاحي. ولكن للاسف هناك بطء وتله بخلافات كرمي رئيس الحكومة كل اسباب الفشل على حاكم مصرف لبنان".

وشدد على أن "الحرب الأهلية مستبعدة في لبنان ولا اعتقد ان اي طرف لديه الرغبة او المصلحة او التخطيط لذلك. بالطبع قد نشهد تعاظما للفوضى في الشارع فنحن قادمون على وضع معيشي أسوأ ولكن اتوقع ان تبقى في اطارها المحدود والا تتحول الى حرب اهلية".