تساءلت مصادر "​التيار الوطني الحر​" في حديث إلى صحيفة "الجمهورية"، تعليقًا على الكلام عن أنّ "التيار الوطني" و"​حزب الله​" يسعيان إلى وضع اليد على حاكمية "​مصرف لبنان​" من خلال إقالة حاكم المصرف ​رياض سلامة​، والمعلومات عن أنّ رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ ورئيس "التيار" النائب ​جبران باسيل​ تراجعا عن إقالة سلامة، بعد تلقّيهما تحذيرات وتنبيهات غربية من تداعيات هذا الموقف، خصوصًا من ​الولايات المتحدة الأميركية​، "أين الإثباتات؟ وما علاقة "التيار" بقرار حكومة مجتمعة، يستند إلى تقرير شركة "لازار" للاستشارات الماليّة الدوليّة، الّذي كشف أنّ هناك فجوة في حسابات المصرف المركزي، في وقتٍ يرفض سلامة التجاوب مع الحكومة ورئيسها ​حسان دياب​ وتقديم المعلومات المطلوبة والكشف عن أرقام المركزي؟ وماذا يفعل رئيس الحكومة في هذه الحالة؟ أليس رئيس السلطة التنفيذية؟ أليس مُطالبًا باتخاذ القرارات اللّازمة والعمل على معالجة الوضع الراهن، حيث فُقد ​الدولار​ من السوق، وانخفضت قيمة ​الليرة​ وسعر صرفها بنحو دراماتيكي، والناس تفقد أموالها وجنى أعمارها؟".

وأكّدت أنّ "التيار الوطني" ليس الحكومة بل يدعم وزراء في هذه الحكومة، ومن تحدّث عن محاسبة سلامة أو مساءلته هو رئيس الحكومة والناطق باسمها"، معربةً عن استغرابها "المنحى الطائفي الّذي أخذ البعض هذا الموضوع إليه"، سائلةً: "هل يُعقل أنّ رئيس الحكومة يريد الإنتقام من رياض سلامة المسيحي الماروني؟". ولفتت إلى "دقّة كلام دياب بعد جلسة ​مجلس الوزراء​ الجمعة الماضي، وإلى أنّه بنى كلامه على معطيات علميّة، أبرزها وأهمّها تلك الّتي كشف عنها تقرير "لازار"، الّتي كُلّفت إجراء دراسة حقيقيّة حول ​الوضع المالي​، والّتي توصّلت إلى أنّ هناك فجوة في حسابات المصرف المركزي، المؤتَمن على ال​سياسة​ النقديّة، بقيمة 46 مليار دولار، أي ما يوازي نحو ثلث ​الدين العام​".

وأشارت المصادر إلى أنّ "دياب استدعى سلامة واستمع إليه وطلب منه تزويد الحكومة بالحسابات والأرقام الدقيقة والحقيقيّة، إلّا أنه امتنع عن ذلك"، متسائلةً: "ألا يجدر برئيس السلطة التنفيذية مساءلة أو محاسبة موظّف يمتنع عن أداء ما تُمليه عليه وظيفته؟". وأبدت استغرابها من المواقف المعترضة على إقالة سلامة أو محاسبته، موضحًة أنّ "دياب قرّر المضي بكشف الحقائق وتبيان مكامن ​الفساد​ والسرقة، وكلّ حسابات المصرف المركزي وإلى أين آلت أمواله الّتي هي أساسًا أموال المودعين، ولم يقل إنّه سيحاسب شخصًا معيّنًا أو جهةً محدّدةً، فما سبب هذه الحملة ضدّه، ولماذا شعرت هذه الجهات أنّها معنيّة، وهو لم يوجّه اتهامًا لأحد؟".

وبيّنت أنّ "الحكومة كلّفت 3 شركات دوليّة ذات مصداقيّة للتدقيق في حسابات المصرف المركزي، في خطوة شفّافة تحول دون تسييس أو تطييف أو تحزيب عملها أو التقارير الّتي ستصدرها. وأشادت بـ"أداء دياب"، قائلةً: "لا تستهينوا به"، ومؤكّدةً أنّ "دياب لم يهِن سلامة ولم يحكم عليه، خلافًا لما ورد في بيانات "تيار المستقبل" و"الحزب التقدمي الإشتراكي"، بل طلبَ منه مصارحة اللبنانيّين والكشف عن أرقام "المركزي". وسألت: "لماذا لم تدافع القيادات المسيحيّة عن سلامة بالحِدّة نفسها الّتي دافع عنه رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ ورئيس "الإشتراكي" ​وليد جنبلاط​ ورئيس "المستقبل" ​سعد الحريري​؟ هل لأنّ سلامة نفّذ سياسات على مدى 30 سنة مرتبطة بهذه المنظومة؟ وما سبب التصدّي لدياب؟ وهل إنّ تكليف شركات دوليّة للتدقيق المالي، الّتي لن تغطّي هي أو حكومات الدول الّتي تنتمي إليها أيّ فساد أو فاسد، هي الّتي أشعلت هذه الجهات السياسيّة؟".

وركّزت على أنّ "الحديث عن تراجع "التيار" عن موقفه من سلامة، يأتي في سياق "الهجمة الإستباقيّة"، مؤكّدةً أنّ "موقف "التيار" واضح، وهو نفسه ولم يتغيّر، وهو أنّ سلامة ليس وحده المسؤول عن الأزمة النقدية، لكنّه المسؤول عن الإعلان عن أسبابها والكشف عن حقائقها. أمّا المحاسبة بنحوٍ عام، وليس محاسبة سلامة فقط، فلن يتخلّى عنها "التيار". وشدّدت على أنّ "مجال محاسبة سلامة وغيره من المسؤولين قائم، وإذا لم تُجرِ الحكومة هذه المحاسبة، فإنّ مصيرها السقوط".

كما ذكرت المصادر أنّ "مشكلة أغلبيّة القوى السياسيّة الّتي لا تكفّ عن استهداف "التيار"، تكمن في أنّنا لم نرضَ المشاركة بجزء من كعكة أو حصّة، وحاولنا أن نتعايَش مع هذه المشكلة القائمة، لكنّ نظرية الإصلاح بالتراضي سقطت، والآن حان وقت كَشف الفساد والحقائق والمحاسبة، وهذا ما يُطالب به ​الشعب اللبناني​، وكلّما زاد خوف الجهات السياسيّة، كلّما اشتدّت الحملات علينا".