بعد غياب أمين عام ​حزب الله​ ​السيد حسن نصر الله​ عن الخطابات السياسية لما يقارب الشهر، وتفرّغه للخطب الدينية التوعوية، تسارعت الاحداث الأسبوع الماضي، خصوصا بما يتعلق بالشقّ الاقتصادي، وإقرار خطّة الحكومة للإصلاح المالي، وكثرة الحديث عن ​صندوق النقد الدولي​، ممّا دفع السيد نصر الله للظهور عبر الشاشة للتعليق على كل هذه الملفّات، وكان الحيّز الأهم بكل تأكيد حول الخطّة الحكوميّة.

لا يخفى على أحد أنّ حزب الله من الداعمين الأساسيين للحكومة الحاليّة، كما كان داعما لحكومة رئيس تيار "المستقبل" ​سعد الحريري​ الأخيرة، فالأهمّ بالنسبة اليه هو عدم وقوع البلد في الفراغ، ووجود حكومة هو أفضل بكثير من عدم وجودها، لذلك يحاول السيد نصر الله في كل خطاب تجديد الفرصة للحكومة للعمل، خصوصا بعد دخول أزمة وباء الكورونا على خط العقبات التي تواجهها، إنّما ذلك لا يعني أنه فتح النار على معارضي الحكومة بل العكس تماما.

بالنسبة الى المعلومات المتوفّرة لحزب الله، فإن ​السفيرة الأميركية​ ​دوروثي شيا​ لم تقم بجولاتها المكوكيّة للتحريض على الحكومة، وان الكتل النّيابية المعارضة لم تُعلن الحرب عليها، وربما من هنا يمكن فهم زيارة رئيس ​الحزب التقدمي الاشتراكي​ الى ​قصر بعبدا​ اليوم، ومن هنا أيضا جاءت دعوة السيد نصر الله للجميع للمشاركة بلقاء بعبدا نهار الأربعاء لفتح النقاش والحوار على كل تفاصيل الخطّة الحكوميّة.

لم يهاجم السيد نصر الله خطّة الإصلاح المالي، ولم يمدحها، ولكنه أكّد المؤكد بأنّها نتاج عمل وموافقة كل الأطراف داخل الحكومة وبمن فيهم الحزب، ولكنها ليست منزلة، ولن تنجح ما لم تحظَ بالغطاء الوطني، والذي لا يتأمّن الا بموافقة الجميع، بمن فيهم المعارضين داخل المجلس النّيابي.

أما بالنسبة الى صندوق النقد الدولي، فقد كرّر السيد نصر الله ما قاله بشأن هذا الأمر، مشيرا الى أنّالحزب لا يعارض مبدأ طلب المساعدة، إنما يرفض تسليم "رقبة لبنان" الى الصندوق، ولكنّ الرسالة التي أراد إيصالها في هذا الشأن فهي لرئيس الحكومة ​حسان دياب​ وحكومته، وتقول بأن الخطّة بحاجة الى تطوير واستكمال، والأهم أن موافقة الحزب عليها لا تعني الموافقة على كل ما يأتي بعدها، خصوصا بما يتعلّق بالمفاوضات مع الصندوق المذكور، اذ أن الموافقة الاوليّة لا تعني تفويضا لأحد للقيام بالتفاوض، وهذا ما يعني أن فترة المفاوضات مع الصندوق ستكون صعبة، وحافلة بالتطوّرات السياسية داخل ​مجلس الوزراء​.

كذلك كان لافتا في خطاب السيد نصر الله تمرير رسالة جديدة الى أصحاب ​المصارف​، فبعد تكرار الدعوات السابقة لهم بتحمل المسؤوليّة في هذه الظروف الصعبة، تحدث لأوّل مرة عن "عدوان" بعض المصارف على الحزب إبّان انطلاق مرحلة العقوبات الاميركيّة لا سيّما على مؤسساته وشخصيات تنتمي إليه أو مقرّبة منه، وهنا بدا أن الحزب الله لم ينسَ بعد يوم أقفلت مصارف لحسابات نوّابه ب​الليرة اللبنانية​، رغم أن الإدارة الاميركية لم تطلب ذلك. أما الرسالة الجديدة فكانت بالكشف عن وجود "أفكار مطروحة اذا لم يبادر ​القطاع المصرفي​ الى مساعدة الحكومة في مواجهة الأزمة الحاليّة".

مرّ السيد نصر الله في بداية خطابه على القرار الألماني اعتبار حزب الله تنظيما إرهابيا، ولكنه لم يرفع حدّة خطابه بوجه الدول الاوروبية، رغم علمه بأن القرار الالماني لن يكون يتيما، وستلحقه قرارات أوروبيّة مشابهة لدول أخرى، ولكنّه أطلق سهامه على الإدارة الاميركية، التي هي سبب القرار بشكل أساسي.

رسائل داخلية وخارجيّة كثيرة أطلقها الأمين العام لحزب الله بإطلالته الأخيرة، من لبنان الى ​ألمانيا​ والى حزب الله، للتشديد على أهميّة رفع مستوى الوعي لدى الجمهور لعدم الوقوع في فخّ محاولات خلق نزاعات داخل الفريق الشيعي.