رأت مصادر وزارية ونيابية عبر صحيفة "الشرق الأوسط" أن "المفاوضات مع ​صندوق النقد​ الدولي حول مسودة الخطة الإنقاذية التي أقرها ​مجلس الوزراء​، لن تكون سهلة وتحتاج إلى وقت يتجاوز الأسابيع باعتبار أنه سيتخللها أخذ ورد بغية التوصُّل إلى رؤية اقتصادية ومالية موحّدة"، معتبرة أنه "لا مفر من تعديل الخطة الاقتصادية".

وأكدت المصادر أن "ترحيب صندوق النقد ومن خلاله ​المجتمع الدولي​ بالمسودة الإنقاذية لا يعني أن الطريق ستكون معبّدة لوضع الخطة على طريق التطبيق بمقدار ما إن الترحيب ينطلق من أن ​الحكومة​ بادرت إلى حسم موقفها وأقرّت بأن الصندوق هو جواز مرور ​لبنان​ للحصول على ​مساعدات​ مالية لوقف الانهيار ومنع انزلاق البلد إلى المجهول"، مشيرة الى أن "الاحتضان الفرنسي للبنان ليس موضع استغراب ويعبّر عن العلاقات التاريخية بين البلدين".

وذكرت أن "​باريس​ كانت وراء دعوة الحكومة إلى حسم أمرها وعدم التردُّد في الالتفات لصندوق النقد، لكن الأخير لن يبصم على بياض على الخطة الإنقاذية وستكون له ملاحظات جوهرية يُفترض أن يأخذها لبنان على محمل الجد والتعاطي معها على أنها الممر الإجباري للحصول على المساعدات"، لافتة إلى أن "باريس تحرص على التمايز عن الآخرين في نظرتها إلى لبنان، لكنها تُدرك أن ​ألمانيا​ تشكّل الثقل الأوروبي في توفير الدعم المادي وهي تلتقي في موقفها مع ​الولايات المتحدة​، وبالتالي فإن المساعدات، أكانت من صندوق النقد أو من المجموعة الدولية الداعمة للبنان، ترتبط بضرورة التوصل مع الصندوق إلى اتفاق كامل غير قابل للنقض أو الاجتهاد".

وشددت المصادر على أن "الدول التي يهمها الحفاظ على الاستقرار تنتظر ما سيتوصّل إليه صندوق النقد من تفاهم مع الحكومة، وبالتالي ليست في وارد القفز فوق الصندوق مع ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أن المجتمع الدولي ما قبل ​فيروس كورونا​ غير ما هو عليه الآن"، متسائلة عن "الموقف الأوروبي حيال لبنان ومدى استعداده لمساعدته مالياً، خصوصاً في ضوء تدهور العلاقة بين ألمانيا و"​حزب الله​" بعد فرضها الحظر على نشاطاته في ألمانيا".

وعدّت المصادر أن "المجتمع الدولي من خلال صندوق النقد سيكون شريكاً في الإشراف على المساعدات المالية في حال استجاب لطلب الحكومة وصولاً إلى توظيفها لوقف التدهور ومنع الانهيار الاقتصادي"، عازية السبب إلى رغبته في وضع ضوابط لئلا تُصرف بشكل عشوائي وانتقائي.

وأوضحت أن "المجتمع الدولي يتخوّف من إمكانية إفادة النظام في ​سوريا​ من هذه المساعدات أو أن يكون لـ"حزب الله" اليد الطولى في توظيفها بالاتجاه الذي يخدم فرض سيطرته على البلد"، كاشفة أن "فاتورة الاستيراد اللبناني من الخارج بلغت في العام الماضي نحو 20 مليار دولار وتبيّن أن حجم الاستهلاك جاء أقل بـ4 مليارات دولار من حجم هذه الفاتورة".

واعتبرت أن "هذا الفارق بين كلفة للاستيراد وحجم الاستهلاك سمح للنظام السوري بالإفادة منه، خصوصاً أنه كان يؤمّن بعض المشتقات النفطية من السوق اللبنانية، إضافةً إلى أنواع من المواد الأولية، وهناك من يتولى رعاية تهريب هذه المشتقات من لبنان إلى سوريا"، مبينة أن "لبنان يستورد هذه المشتقات ب​الدولار​ فيما يتم تسديد ثمن المهرَّب منها بالعملة اللبنانية، وهذا ما يؤدي إلى استنزاف الاحتياطي بالعملات الصعبة من جهة وإلى الالتفاف على ​العقوبات الأميركية​، إضافة إلى وجود مافيا تعمل على سحب الدولار من السوق اللبنانية إلى داخل سوريا. لذلك، سيتولى المجتمع الدولي من خلال صندوق النقد التشديد في تحديده للمسار العام للمساعدات في حال تقرر دولياً الإفراج عنها لأن الصندوق يتلقى في مثل هذه الحالات غمزة من ​واشنطن​".