لن يبقى أي شيئ على ما هو عليه في كل العالم بسبب ازمة ​الكورونا​، وفي لبنان سيكون التغيير أقسى واشدّ والسبب أننا نعيش أزمتين معا، "الكورونا"، والتي شارفت على الانحسار، والأزمة الاقتصادية التي تشتدّ يوما بعد يوم. كل شيء سيتغير، حتى خريطة ​الجامعات​ في لبنان.

عندما تبدّل سعر صرف ​الدولار​ في بيروت، تبدّلت كل أسعار السلع والخدمات، ورغم بقاء السعر الرسمي الصادر عن ​مصرف لبنان​ كما كان سابقا أي 1508، الا أن حياة اللبناني المتعلقة بالعملة الخضراء تغيّرت، وانعكس هذا التغيير على كل مخططات المواطن. لم يتبدل السعر الرسمي بعد، وتأجل تحريره الى زمن لاحق بسبب تأثيراته المدمرة على الشعب، ومن هنا بدأت الجامعات الخاصة في لبنان، أو أغلبها، تئنّ تحت وطأة ما أسمته "الأزمة المالية".

لم تبدّل الجامعات سعر صرفها بعد، واستمر تحصيل الأقساط ب​الليرة اللبنانية​ على أساس سعر الصرف الرسمي، وذلك رغم محاولات بعض الجامعات أن تحرر نفسها منه وتطلب الدفع بالدولار، وهذا الامر بحسب القيمين على بعض الجامعات الخاصة في لبنان، قد يسبب أزمة وجودية، وهذا ما اعلنه احد مدراء أبرز الجامعات. فهل فعلا تعتمد هذه الجامعات على أقساط طلابها، لتأمين ميزانياتها، وماذا عن مستقبلها القريب؟

"نملك نوعين من الجامعات الخاصة في لبنان، نوع يعيش على الهبات، ونوع يعيش على الأقساط"، يقول عميد كلية الإعلام في جامعة المعارف علي الطقش، مشيرا الى أن بعض الجامعات تنظر لنفسها على أنها تجارة وعمل، وبالتالي تُجري الحسابات على أساس عدد تلامذتها وحجم الاموال التي يدفعونها، والبعض الآخر، ينظر لعدد التلامذة من وجهة بعيدة عن المال، فيدخلون العدد بحسابات لها على علاقة بعدد الأساتذة، وحجم المشاريع العلمية التي يمكن للجامعة خوضها.

يكشف الطقش في حديث لـ"النشرة" أن أغلب الجامعات الخاصة الجيدة في لبنان تعتمد على التبرعات والهبات والمساهمات التي تأتيها من الخريجين، ورجال الأعمال، والأثرياء، وحكومات الدول، ولا تعتمد على الأقساط، خصوصا أن حجمها لا يغطي سوى من 10 الى 20 بالمئة من حجم الميزانية السنوية لهذه الجامعات، وبالتالي فإن انخفاض حجم الاقساط لا يؤثر عليها طالما استمرت التدفقات المالية لها، مشيرا الى أنه يفترض بها ان تعيش فترة ذهبية مع ارتفاع سعر صرف الدولار، لأن الاموال التي تتلقاها من الخارج هي بالعملة الأميركية، ومعظم مصاريفها التشغيلية بالليرة اللبنانية.

ولكن هذا ليس ما تسرّب عن وضع بعض الجامعات البارزة في لبنان، اذ يتخوف الطلاب من زيادة بالأقساط تجعلهم غير قادرين على تحملها، لاجل تمويل النقص الناجم عن تغير سعر صرف الدولار. وهنا يشير الطقش، الى أن الحديث عن أزمة مالية للجامعات ليس سببه الأقساط إنما ضعف الواردات من الخارج، سواء بسبب أزمة المصارف، أو أزمة التحويلات المالية والدولار، والحل لدى هذه الجامعات من وجهة نظر الطقش لن يكون بزيادة الاقساط، إنما بتقليص حجم الجامعة، والحجم يعني هنا مشاريعها العلمية، وخططها، وعدد أساتذها، وجودة برامجها التعليمية.

يرى الطقش أن عدد التلامذة في العام الدراسي الاول في الجامعات الأبرز في لبنان سينخفض في الموسم الدراسي المقبل بسبب ​الوضع الاقتصادي​، مشيرا الى أنه سينعكس بشكل كامل على كل خطط الإدارات للسنوات المقبلة، مما سيدفع بالجامعات للدخول في منافسات حول جذب الطلاب، ولن يكون مستغربا بحال قرر بعضها تخفيض الأقساط.

بالمقابل يتوقع الطقش أن تُقفل جامعات خاصة في الموسم الدراسي المقبل 2021-2022، خصوصا تلك التي إنشئت بغاية الربح لا التعليم، مشددا على أن هذه الأزمة التي نعيشها كانت كارثية على بعضها وإيجابية على أخرى، ك​الجامعة اللبنانية​، التي تطورت وستستمر بالتطور في المستقبل القريب.

اذا لا تعتمد الجامعات الكبرى على أقساط الطلاب لتغطية نفقاتها، وأيّ كلام عن رفع الأقساط لتعويض النقص لن يكون دقيقا، فميزانية جامعة هارفرد مثلا تصل الى حوالي 30 مليار دولار سنويا، وحجم أقساط طلابها يبلغ حوالي 2 مليار، وهذا كفيل لوحده أن يقدّم صورة تقريبية حول ميزانيات الجامعات البارزة.