أشار ​وزير المالية​ الأسبق ​جورج قرم​، في حديث لـ"النشرة"، إلى أن برنامج ​الحكومة​ فيه بنود تُجيب على بعض متطلبات ​صندوق النقد​ الدولي، ومنها بشكل بارز موضوع ​الخصخصة​ وبيع أملاك ​الدولة​، لافتا إلى "اننا نعيش حالة تضخم بشكل متواصل ومتزايد، وهذا التضخم هو نوع من الهيركات على الودائع، وبات واضحا حجم التراجع في القدرة الشرائية مما يسبب مشاكل كبيرة خصوصا للفئات الفقيرة والمتوسطة في المجتمع ال​لبنان​ي".

واعتبر قرم أنه "من المفترض أن تحصل الحكومة على حصة لبنان في صندوق النقد والتي تبلغ 800 مليون دولار، وذلك بشرط تطبيق متطلبات الصندوق"، لافتا إلى أنه "بحسب تقديري سيكون هناك شروط سياسية على لبنان، خصوصا أن المساهم الأكبر في الصندوق هي ​الولايات المتحدة الأميركية​".

وشدّد قرم على أن "​مصرف لبنان​ مسؤول عن حالة التخبط في سعر صرف ​الدولار​، ومسؤول أيضا عن بروز أكثر من سعر للصرف"، مشيرا إلى أن "الحل يكون بتخفيض العجز في ميزان المدفوعات والميزان التجاري، وطالما أن هناك عجزا هائلا ستبقى ​الليرة اللبنانية​ ضعيفة ومتأرجحة، وفي الوقت نفسه نحتاج إلى وقت كي نصل إلى ​الإقتصاد​ المنتج".

ودعا قرم إلى أخذ العبر من السنوات الماضية، مؤكدًا أن "نظام سعر الصرف الثابت هو الشواذ بعينه، ولا يوجد اليوم أي دولة في ​العالم​ تعتمده"، مضيفا: "النظام الذي كان متبعا في العقدين الماضيين هو جزء من نظام الاقتصاد الريعي، فمثلاً تقوم جهة معينة بالاستفادة من تثبيت ​سعر الدولار​، وتقوم بالإستدانة بالعملة الخضراء والتوظيف بالليرة حيث يتم الاستفادة من الفوائد التي تقدمها ​المصارف​ والتي وصلت إلى حدود الـ30 بالمئة، وهذه العملية التي كانت تحصل في السابق والتي تستند على تثبيت سعر الصرف هي بمثابة جريمة بحق ​الاقتصاد اللبناني​".

وتابع قرم: "من يدرس تاريخ الاقتصاد اللبناني الحديث منذ ​الاستقلال​ الى اليوم، يرى أن لبنان كان في طليعة الدول التي لديها سعر صرف حر، وكان يتحسن طوال الخمسينيات والستينيات وحتى اوائل السبعينيات، وهذا يعطي قدرة تنافسية للصادرات اللبنانية التي هي في معظمها منتوجات خفيفة تعتمد على استيراد المكونات من الخارج، وبالتالي كلما كان يتحسن سعر صرف الليرة كان تتحسن القدرة التنافسية، وعلى سبيل المثال في العام 1974 قمنا بتصدير منتوجات صناعية لبنانية بقيمة 700 مليون دولار".

وأوضح قرم أن "أول إجراء قمت به عندما تسلمت ​وزارة المالية​ هو خفض الفوائد من 22 بالمئة إلى 14 بالمئة، وكان ذلك في ظل ظرف دقيق يمر به لبنان نتيجة المعارك الدائرة في ​الجنوب​ اللبناني، وكنا نتحمل الضربات الاسرائيلية على الكهرباء وغيرها من مرافق الدولة اللبناني، ولم أطلب حينها مساعدة من الخارج"، معتبرا أنه "كان على الحكومة أن تتخلى عن طلب مساعدة ​صندوق النقد الدولي​، وكنا نأمل منها أن تبدأ بالعمل فورا وأن تقفل صناديق المهجرين والجنوب، وأن تبتّ موضوع الكهرباء بشكل نهائي خصوصا أن هناك عروضا صينية وروسية وايرانية"، مضيفا: "يجب ألا ننسى ان رغم ​العجز المالي​ ل​مؤسسة كهرباء لبنان​، كانت المؤسسة تبيع الكهرباء بأقل من سعر الكلفة، كما أن هناك فضيحة في ​قطاع الكهرباء​ تتمثل بأصحاب المولّدات التي تندرج في إطار التنفيعات وهي بطبيعة الحال جزء من الاقتصاد الريعي الذي يجب أن نتخلص منه".

من جهة أخرى، اعتبر قرم أن "من أفشل الحركة الشعبية الجميلة هو ​فيروس كورونا​ المستجد نتيجة المخاطر التي يسببها، ولكن من الطبيعي أن نشهد موجة ثانية منها، رغم أن قوى الفساد في لبنان تعمل على تعزيز الجو الطائفي في البلد لأنه يشكل الحصن الوحيد والأخير لهم".