منذ زيارته ​القصر الجمهوري​ ولقائه الرئيس العماد ​ميشال عون​ يوم الرابع من أيار الجاري، لم يعد رئيس ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ ​وليد جنبلاط​ يغرّد ضد العهد و​الحكومة​، وتحولت تغريداته عبر تويتر الى ​أخبار​ عن إستقباله السفراء والزوار، والى إنتقاد من وصفهم بـ"أصحاب العقول المتحجرة في الحزب الإشتراكي"، والى التحذير من خطر ​فيروس كورونا​ وعدم قتل ​الكلاب​ بالسُمّ بحجة الوباء. التغريدة الأخيرة التي إنتقد فيها "العهد" كانت في ٢٢ نيسان الفائت، يومها إعتبر أن "البلاد محكومة من غرفة عمليات سوداء ترفض أي إصلاح"...

فلماذا إذاً، قرر جنبلاط راهناً أن يربط النزاع مع العهد؟ والى متى سيستمر على هذه الحالة من ​الهدنة​ مع الحكومة؟ ما هي إعتباراته؟ وهل دخل صديق من أصدقائه على الخط ناصحاً إياه بأن المرحلة ليست للتصعيد؟.

يتحدث المقربون من ​المختارة​، عن معطيات عدة أقنعت جنبلاط بأن المرحلة هي للتهدئة وليست للتصعيد، وعلى رأس هذه المعطيات زيارات ​السفيرة الأميركية​ والسفراء الأجانب الى السراي وإجتماعاتهم مع رئيس الحكومة ​حسان دياب​، وتصريحاتهم التي تصب في خانة الوقوف الى جانب الحكومة و​لبنان​ ومساعدته شرط أن يطبق الإصلاحات المطلوبة منه لوقف ​العجز​ والهدر و​تحقيق​ ما طلبه الشعب. لقاءات دياب مع سفراء الدول المؤثرة، سمع جنبلاط بعضاً من كواليسها خلال إستقباله عدداً منهم، وهذا ما جعله يقتنع أكثر فأكثر بأن المرحلة ليست لإسقاط الحكومة في الشارع والتصعيد ضدها. المطلعون يتحدثون أيضاً عن أن جنبلاط إقتنع بأن التصعيد واللجوء الى الشارع لإسقاط الحكومة، قد يتسبب له بمشاكل مع ​حزب الله​ وهذا ما لا يريده في هذه المرحلة، وبالتأكيد سيشكل له إحراجاً مع صديقه، رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​، وهو، أي رئيس الإشتراكي، لا يريد توتراً مع الحزب، ولا خلافاً مع ​عين التينة​.

أضف الى كل ما تقدّم، يروي زوار المختارة أن الزعيم الدرزي مقتنع تمام الإقتناع، بأن حكومة دياب نجحت في الخطوات والإجراءات التي إتخذتها لمواجهة فيروس كورونا منذ تسجيل الإصابة الأولى في لبنان أي منذ ٢١ شباط الفائت، وقد وضعت هذه الإجراءات لبنان على لائحة الدول التي هزمت الفيروس، وبما أن موجةً جديدة من الفيروس بدأت بالظهور منذ أيام وهذا ما إستدعى من الحكومة العودة الى إقفال البلد لأربعة أيام مع التشدد لمنع الإنتشار والتفشي، يعبّر جنبلاط أمام زواره عن قناعته بضرورة التضامن الوطني في هذه المرحلة لمواجهة الوباء ومنع إنتشاره لأن لبنان غير قادر أبداً على التعامل مع حالة الإنتشار إذا حصلت، لا طبياً ولا مادياً ولا إستشفائياً.

إذاً لجنبلاط، معطيات ومؤشرات عدة دفعته الى مهادنة "العهد" والحكومة. مهادنة، ما من أحد قادر على تأكيد إستمرارها ومتى تنتهي صلاحيتها، لكن الكثيرين يؤكدون أنها أزعجت جميع المراهنين على تشكيل جبهة سياسية ضد الحكومة، وعلى رأسهم رئيس ​تيار المستقبل​ ​سعد الحريري​.