أثنى مفتي صيدا و​الزهراني​ الجعفري الشيخ ​محمد عسيران​، على "مبادرة شيخ ​الأزهر​ ​أحمد الطيب​، و​البابا فرنسيس​ اللذين وقّعا على وثيقة للتضامن لرفع وباء "​كورونا​"، ودفع البلاء عن البشرية جمعاء".

ولفت في كلمة لمناسبة يوم ​الصوم​ و​الصلاة​ والدعاء المشترك لنداء "الأخوة الإنسانية"، إلى أنّ "كثيرًا ما يُحكى عن الصراع بين الحضارات وضرورة الحوار بين الأديان، لكن لماذا الحديث عن صراع بين الحضارات وليس عن تكامل في ما بينها؟، ولماذا القول بضرورة الحوار بين الأديان، وهي أصلًا على تحاور وتواصل، في حين أنّ الحوار يجب أن يكون بين معتنقي الأديان والمعتقدين بها؟. أسئلة معقّدة والرد عليها ليس سهلًا".

وأشار المفتي عسيران إلى "أنّنا دعونا ننطلق من منظور الإرث الديني والنظرة التفسيريّة للصراع الإنساني، ذلك أنّ المواجهة والخلاف من طبيعة البشر وجزء لا يتجزأ منها، وبدءًا بما حدث بين قابيل وهابيل وهما أوّل المتصارعين، وما انطوى عليه قتل الأخ لأخيه من مأساة تمثّل الصراع بين الخير والشر، بين النور والديجور، وعليه إذًا لا بدّ من الصراع، لكن الصراع هو صراع إنساني، قبل أن يكون صراعًا حضاريًّا أو بين حضارات، لعلّ العكس هو الصحيح".

وأوضح أنّ "الحضارات على اختلاف أنواعها تصقل الذات الإنسانيّة وتغذّي الثقافات المتعدّدة لتعلو بالبشر إلى المرتبة الّتي أرادها الله للإنسان، وهي مرتبة الرقي والارتفاع عن الترابيّة والشهوانيّة، هي تلك المرتبة النورانيّة الّتي يزداد بريقها ويزهو لمعانها كلّما أبحرت في خضم الحضارات، وارتشفت من ينابيع الأديان السماوية".

وشدّد على أنّ "الإبتعاد عن طريق الله والغربة في الدين وهجر القيم الإنسانية، زاد الأمور تعقيدًا، ممّا أزكى نار الفتن بين الشعوب والأمم وأشعل فتيل الاقتتال بدل التحاب، وراح المرء يركّز على ما يفرّق بدل التأكيد على ما يجمع، وبات العالم بأسره يغوص في ليل حالك الظلام، مجهول المسار والمصير".

كما أكّد عسيران أنّ "العالم اليوم يحتاج إلى إعادة نظر في جميع العلاقات الإنسانيّة ومفاهيمها، ونبذ ​العنف​ والابتعاد عن ​التطرف​ والعودة إلى لغة الحوار الّذي فرضه الله على جميع البشر في كلّ الأديان، فما من دين سماوي إلّا ويمجّد الخالق، ويدعو إلى السلام والمحبة بين البشر". وأشر إلى "أنّنا نحن المسلمين خاصّة أوصانا الله في الكتاب العزيز والسنة المطهرة، بالحوار والعلاقات الطيّبة مع الآخر، فالحوار قوّة في تعزيز السلام العالمي ورفض للصراعات والمشاحنات العقائديّة الّتي تنذر بالصدامات العنيفة والحروب المدمّر. إنّ البشر بحاجة ماسّة لتعزيز قيم الإنسانيّة والوسطيّة ومحاربة التطرف والعنف، سواء كان على الصعيد الشعبي او الرسمي".