منذ ان بدأ انتشار وباء كورونا في ​لبنان​ للمرة الاولى في شباط الفائت، بدأت حملات التوعية و​الوقاية​ والدعوات الى اتخاذ كل التدابير اللازمة لضمان عدم انتقال الوباء الى عدد كبير من الاشخاص. بداية، وعلى غرار كل مرض او موضوع جديد غير معروف، ساد بعض المفاهيم الخاطئة وتعامل كل واحد من الناس مع الفيروس على طريقته، فيما اخذت ​الحكومة​ سلسلة خطوات بالتعاون مع ​منظمة الصحة العالمية​ للحد من انتشار الوباء وتفشيه. وكي لا نطيل الكلام ونعرض ما بات معروفاً، وصلنا اليوم الى ما وصلنا اليه مع كورونا، واذ بنا نفاجأ ببعض التدابير الحكوميّة غير الموفقة واكبها اهمال فظيع ومريع من قبل مواطنين. هل يصدق احد الى اليوم ان هناك بعض اللبنانيين الذين لا يزالون مقتنعين ان كورونا هو "اختراع" الحكومة والموالاة لكبح جماح المعارضة ومنع الشعب من التعبير عن رأيه؟ هل هناك فيروس جديد ينتشر في لبنان يحمل اسم "الجهل وقلة المعرفة والادراك"؟ كيف يفسّر لنا "جهابذة" هذه النظرية ما يحصل في كل دول العالم، وكي لا نبتعد، ما يحصل تحديداً في لبنان جراء نقل عدد من المصابين -اكانوا من داخل لبنان ام اتوا من الخارج- الوباء الى مجتمعهم وبيئتهم واهلهم؟ هل بات المصابون الذين يقرعون باب الالف اصابة كلهم من الممثلين البارعين الذين يتقنون ادوارهم للايحاء بأنهم التقطوا الفيروس ويحاربونه للبقاء على قيد ​الحياة​؟ هل هناك قدرة مهولة غير متوقعة للحكومة والموالاة وكل من يمت اليهما بصلة، للتأثير على غالبية ​الشعب اللبناني​ والسيطرة على افكاره وعقله عبر "اختراع" ​الكورونا​؟ واذا كان هذا هو الحال، فما الحاجة الى اختراع وباء اذا كان بالامكان السيطرة على الناس بسهولة ودون جهد؟.

ليس كورونا مجرد مزحة او ابتكار جديد في العوالم الافتراضية التي تكتسح عالمنا الحقيقي بفعل تطور التكنولوجيا، ويجب التعاطي معه بجدية ومسؤولية لانه لا يعني فقط الشخص المصاب، بل كل من اختلط معه من اهله وعائلته ورفاقه واحبائه وزملائه وحتى من لا يحبه، فيصبح الجميع كأحجار الدومينو ينقلون العدوى بسلسلة قد لا تنتهي اذا لم يتم تداركها.

هناك شق من المسؤولية يقع على الحكومة التي تعاطت مؤخّرًا بطريقة غير موفقة مع التدابير المتخذة، وقد تكون خضعت لـ"ابتزاز" معيّن او تهويل محدد، فعمدت الى فتح البلد بشكل شبه تام بعد اربعة ايام من الاغلاق والرسائل التحذيرية للمواطنين من ارتفاع الاصابات بشكل كبير. ليس المطلوب اقفال البلد حتماً، انما المطلوب استعمال العقل والمنطق، والاقتداء بالدول الاخرى على سبيل المثال. افتخرنا بتخطّينا للولايات المتحدة و​اوروبا​ والدول المتقدمة في طريقة تعاطينا مع الوباء، وهو امر صحيح ويمكن رفع الرأس به، ولكن ها اننا بدأنا بالتراجع فيما الدول نفسها بدأت بالتقدم والسيطرة على الوضع شيئاً فشيئاً. التدابير التي تتخذها الدول الاوروبية والغربية اليوم، اتت بعد مسار طويل من الاجراءات البالغة التشدد بعد بذل جهود مضنية للسيطرة على تفشي الوباء بطريقة غير مسبوقة، واجراء ملايين الفحوصات المخبرية لمتابعة مراحل تطور الفيروس اولاً بأول، فيما لم نصل في لبنان بعد الى المعدّل المطلوب من الفحوصات للحديث عن وضع البلد بشكل عام في مواجهة الوباء. وهل من المنطقي فتح البلد بهذا الشكل بعد اقفال تام لمدة اربعة ايام، بدل اعتماد انتقال سريع لاجراءات ​الفتح​ الشامل (اذا كان هذا القرار السليم بالفعل)؟.

لا ندّعي بأننا اكثر فهماً او حرصاً من المسؤولين بالنسبة الى هذا الموضوع تحديداً، ولكن اليس من الغريب ان منظمة الصحة العالمية في لبنان قد اختفت تماماً عن الانظار والاضواء بعد تخفيف الحكومة من اجراءات الوقاية؟ هذا الامر دليل واضح على عدم تأييدها لما تم اتخاذه، ولكن بما ان لبنان بلد مستقل فالقرار يعود اليه. اما السؤال الاكبر، فلماذا هدّد رئيس الحكومة بالعودة الى الاقفال التام، ولماذا ألمح ​وزير الصحة​ الى اللجوء الى العزل التام لبعض المناطق اذا لم يكن من قدرة للدولة على الزام المواطنين بالاجراءات المتخذة؟.