قد تكون المرة الأولى التي يكون فيها اصحاب المولّدات الكهربائية في موقع الضحية لا الجلاد. قد تكون المرة الأولى التي يتشارك فيها هؤلاء مع المواطنين صرخة واحدة ضد التقنين الكهربائي الذي فرض عليهم إطفاء مولداتهم بسبب شحّ مادة ​المازوت​. عشرة من ​أصحاب المولدات​ في ​كسروان​، أطفأوا مولّداتهم ليل الثلثاء بسبب عدم تسليمهم مادة المازوت من قبل الموزّعين. وهنا يقول المتابعون لهذا الملف، "صحيح أن الكميات التي تطرح في الأسواق هي أقل من حاجة السوق لأسباب عدة، ولكن لماذا لم يضطر أصحاب المولّدات في المناطق الأخرى، كما حصل في كسروان الى إطفاء مولداتهم؟ ألم يسأل أحد ها السؤال؟.

المشكلة إذاً تنحصر بشكل أساسي في كسروان لذلك يجب فتح ​تحقيق​ بالموضوع ومحاسبة المتورطين. لماذا المشكلة فقط في كسروان؟ يجيب مصدر من تجمع الموزعين، "لأن عدداً من التجار الذين يوزعون المازوت على أصحاب المولدات في كسروان يقوم بتخزين كميات كبيرة من المادة في خزاناتهم بهدف بيعها فيما بعد بسعر أعلى من الحالي الذي وصل الى 8700 ليرة للصفيحة الواحدة". المصدر عينه يضيف، "أسعار ​النفط​ بدأت ترتفع شيئاً فشيئاً عالمياً، بعد وصولها الى أدنى مستوياتها في ذروة ​كورونا​، ومن يشتري صفيحة المازوت اليوم بـ8700 ليرة قد يبيعها بعد اسابيع بـ11000 ليرة وبعد أشهر أيّ على أبواب ​الشتاء​ بـ15000 ليرة، لذلك يعتمد البعض من التجّار على التخزين وهو ما يجب أن يتابع من قبل ​وزارة الإقتصاد​ لأنّ الأهمّ في هذه المرحلة هو التخفيف قدر الإمكان عن المواطنين لا زيادة الطين بلّة على قلوبهم بساعات إضافية من العتمة.

بالأمس القريب، كان الحديث بقوّة عن تهريب المازوت الى ​سوريا​، وقد إنعقد ​مجلس الدفاع الأعلى​ لهذه الغاية، وبحث الأمر بشكل مفصّل في جلسة مجلس الوزراء، كذلك فتح الحديث عن المعابر غير الشرعية على مصراعيه مع ​السلطات السورية​، خلال الزيارة التي أجراها ​اللواء​ عباس أبراهيم الى دمشق، كل ذلك أدّى الى تشديد الإجراءات الأمنيّة والى تخفيف التهريب نوعاً ما، ولكن، لم يكن المقصود أبداً الحد من حركة المهرّبين، وترك التجار يحتكرون المازوت ويقومون بتخزينه لإعادة بيعه بأسعار أعلى عند إرتفاع الأسعار. وفي هذا السياق يقول المتابعون، "عندما نتحدث عمّن يحتكرون المازوت ويفرضون العتمة على المواطنين، لا نقصد بكلامنا الشركات العشر المستوردة للنفط لأنّ الاخيرة لا يمكنها تخزين المادة في خزاناتها بسبب المهل التي تفرضها عليها الإعتمادات، وبالتالي عليها أن تفرغها كي تسمح للبواخر بملئها من جديد. كذلك لا نقصد بكلامنا الموزعين أيّ أصحاب ​الصهاريج​، بل المقصود التجار المعروفين بالـ brokers وعددهم في كل ​لبنان​ بالمئات. ومن بين هؤلاء، أصحاب مولّدات يعملون أيضاً على شراء المازوت وبيعه لأصحاب مولدات آخرين.

هؤلاء من يجب أن تتم مراقبة أعمالهم من قبل الوزارات والأجهزة المعنيّة ومديريّة ​حماية المستهلك​، وهؤلاء من يجب أن يُمنعوا من ممارساتهم الإحتكاريّة التي تنفذ على حساب فرض الظلمة على اللبنانيين في زمن، عجزت ​الدولة​ فيه عن تأمين ​الكهرباء​ 24/24 وبقيت وعودها حبراً على ورق.