وسط المعارك السياسية والطائفية المشتعلة على أكثر من جبهة، يبدو أن أياً من المسؤولين لم يتنبّه إلى الكارثة الإجتماعية التي تنتظر آلاف العائلات، من جراء إقفال ​شركة الترابة الوطنية​ـ ​إسمنت​ السبع، وعمال شركة الترابة "هولسيم"، نتيجة تقاعس الحكومة السابقة والحالية عن القيام بواجباتهما، الأمر الذي تُطرح حوله الكثير من علامات الإستفهام، في بلد يعاني من أزمة ماليّة كبيرة وإنهيار إقتصادي يهدد جميع مواطنيه. كل هذه الويلات تحصل على مرأى من وزير البيئة والتنمية الإدارية ​دميانوس قطار​ أو "الوزير الباراشوت".

في الحكومة السابقة، أُعطيت، في شهر أيلول الماضي، مهلة 3 أشهر لشركات الترابة، لتوضيب ونقل وتصريف ما تملكه من مواد أوليّة لصنع الإسمنت في مقالعها، تمهيدا لبدء العمل بالمخطّط التوجيهي الجديد للمقالع والكسّارات، إلا أنّ الخلافات داخلها حالت دون الإتفاق على المخطّط المذكور، الأمر الذي قاد إلى نقل المشكلة إلى حكومة التكنوقراط الحالية، ما يعني أنّ الملف بات في يد وزير البيئة والتنمية الإدارية دميانوس قطّار، الذي لم يبادر إلى القيام بأي خطوة حتى الآن، نظراً إلى إنشغاله بملفات أخرى يعتبرها أكثر أهمية ربما، في حين أن لقمة عيش أي مواطن من المفترض أن تتقدم على أي ملف.

لدى تشكيل الحكومة الحالية، تنقل اسم وزير المالية السابق من حقيبة إلى أخرى، رغم أن البحث هو عن ​حكومة تكنوقراط​، من الخارجية إلى الإقتصاد والتجارة وصولاً إلى العمل، لتكون الخاتمة "السعيدة" بتولّيه حقيبتي التنمية الإدارية والبيئة، في مؤشر إلى أن المطلوب فقط هو أن يكون قطّار وزيراً، بغض النظر عن الحقيبة التي تسند إليه، سواء كان لها علاقة بإختصاصه أم لا، بدليل أن إهتماماته تنصب على الملفات الإقتصادية والمالية، في حين أن البيئة تأتي في المرتبة الثانية والثالثة، رغم تأكيده أنه يحضر يومياً إلى مكتبه في الوزارة.

لا نقاش في مؤهلات الوزير قطار التي تخوله الإهتمام بالملفات المالية والإقتصادية، إنطلاقاً من قربه من رئيس الحكومة ​حسان دياب​، بشرط ألا يؤدي ذلك إلى إهماله الملفات الأخرى، خصوصاً إذا ما كان لها تداعيات سلبية على المواطنين ولقمة عيشهم، وبحال كان عاجزاً عن ذلك لسبب من الأسباب ما عليه إلا أن يتقدّم بإستقالته، اليوم قبل الغد، نظراً إلى أن أمام وزارته الكثير من الملفّات الهامة التي لا تحتمل أيّ تأخير للبت بها، لا سيما النفايات.

بالتزامن، من المفترض بوزير البيئة والتنمية الإدارية، خلال إهتمامه بالملفات الإقتصادية والمالية، أن يبحث في كيفية دعم ​الصناعة​ الوطنية القادرة على إدخال العملات الصعبة إلى البلاد والحدّ من الإستيراد، وأن يبحث في كيفية تأمين فرص عمل لمئات الآف من المواطنين الذين يعانون من ​البطالة​، أو على الأقل أن يسعى إلى عدم خسارة الآخرين فرص عملهم، لا أن يقود الإهمال إلى إقفال أيّ مصنع وخسارة أيّ مواطن وظيفته، كما هو حاصل في ملف شركة الترابة الوطنية ـ إسمنت السبع وشركة الترابة "هولسيم".

الموضوع لم يعد يحتمل أيّ تأخير، وعلى الوزير قطار أن يتحمّل مسؤوليّاته على هذا الصعيد، وأن يعمل مع ​مجلس الوزراء​ على إقرار المخطط التوجيهي للمقالع والكسّارات الذي يضمن العدالة بين العاملين في هذا القطاع ويؤمّن الشروط البيئيّة الضروريّة، على ألاّ يؤدي ذلك، في الفترة الفاصلة، إلى إقفال أيّ مؤسسة او شركة، لا سيّما أنّه كان قد أعلن، قبل أيام، أن "الحكومة لن تكون في مواجهة المواطنين إذا شعروا بأنها لا تلبي مطالبهم".