إذا لم يتدخل رئيس ​الحكومة​ ​حسان دياب​ بنية الحسم هذه المرة وبعد إجرائه سلسلة إتصالات لتأمين توافق سياسي مطلوب، لن تصل قصة خفراء ​الجمارك​ الناجحين منذ العام 2014 ومن دون تعيين الى خواتيمها السعيدة، لماذا؟ لأنّ القضيّة عالقة بين المديريّة العامة للجمارك والمجلس الأعلى المؤلف من رئيس (شيعي) وعضوين (سني وماروني) وبحسب القانون، يتخذ المجلس الأعلى مقرراته بالإجماع، وفي حال الخلاف ترفع القضية المختلف عليها الى وزير ​المال​يّة الذي يعرضها بدوره على ​مجلس الوزراء​ للبتّ فيها بصورة نهائية.

ففي التفاصيل، أجريت المباراة لهؤلاء عام 2014 وبسبب الخلافات السياسية، لم تصدر المديرية النتيجة إلا في العام 2019 عندما أقدم المدير العام ​بدري ضاهر​ على خطوة أحرجت المجلس الأعلى. ضاهر أصدر النتائج ونشرها على موقع المديريّة وفيها 853 إسماً يتوزعون مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ثم أرسل نسخة عنها بحسب قانون تنظيم الضابطة الجمركيّة الى المجلس الأعلى للبتّ بها والمصادقة عليها. قانون الضابطة لا يجعل النتيجة نافذة قبل التصديق عليها من قبل المجلس. في العلن تذرّع المجلس برئاسة العميد أسعد الطفيلي بحجّة انّ ضاهر لم يرسل له ​تقرير​ اللجنة الفاحصة، وبالتالي من دون هذا التقرير لا يمكنه إتخاذ قراره، ولكن في الكواليس تتحدّث المصادر المتابعة للملف أنّ الطفيلي المحسوب على رئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ ومعه العضو السنّي هاني الحاج شحاده المحسوب على تيّار ​المستقبل​، لا يريدان إصدار النتيجة مع إحترام مبدأ ​المناصفة​، بل يفضلان إعتماد ترتيب الناجحين بحسب العلامات بغض النظر عن طوائفهم ومذاهبهم وإختيار الـ853 الأوائل منهم، عندها، تصبح نسبة المسلمين حوالى 70% ونسبة المسيحيين حوالى 30%، وهذا ما لا يقبل به ضاهر ولا ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​.

المصادر المتابعة تكشف أنّه حتى ولو رضخ ضاهر وأرسل تقرير اللجنة الفاحصة الى المجلس الأعلى، وهذا أمر لن يحصل أبداً لإقتناعه بعدم قانونيته، لن تُحلّ المشكلة، لماذا؟ الجواب لأنّ العضو الثالث في المجلس الأعلى غراسيا القزي، وهي مسيحيّة محسوبة على القوّات اللبنانية، لا يمكن أن توقّع على نتيجة دورة الخفراء إذا لم تحترم هذه النتيجة المناصفة، وهذا ما اعلنت عنه مراراً وذلك إسوةً لما يعتمد في باقي الاجهزة الامنيّة والعسكريّة عندما تكون المباراة مخصصة لرتب موازية لرتبة خفير جمركي. وبالتّالي، إذا كانت القزي ترفض التوقيع على نتيجة من دون مناصفة، فقرار المجلس الأعلى لن يصدر كونه يحتاج الى إجماع الأعضاء الثلاثة، عندها يصبح من الضروري على وزير المال ​غازي وزني​ التدخل وعرض الموضوع على مجلس الوزراء لإتخاذ القرار وحسم الجدل القائم، كل ذلك إذا كانت هناك نيّة حقيقيّة لدى رئيس الحكومة بتعيين هؤلاء الخفراء الناجحين والحاقهم بمراكز عملهم.

إذاً، الوعود لخفراء الجمارك لن تجعلهم ينتصرون لقضيتهم، الأمر الوحيد المفيد لهم هو تحرك رئيس الحكومة، وتأمين التوافق بين رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب وإلا سيبقى النجاح بالنسبة الى الناجحين بمثابة شيك بلا رصيد يحملونه طيلة حياتهم من دون أن يكونوا قادرين على صرفه.