ركّزت مصادر دبلوماسيّة مُطّلعة على الموقف الأميركي، لصحيفة "الجمهورية"، على أنّ "​سياسة​ ​الولايات المتحدة الأميركية​ في ​لبنان​ في المرحلة الراهنة، تُختصر بالمعادلة الآتية: لا انهيار ولا ازدهار"، ورأت أنّ "​الإدارة الأميركية​ وقعت بين مطرقة وسندان في لبنان، إذ في حين أنّها لا تريد انهيار "بلد الأرز" بنحوٍ كامل، إلّا أنّه ينهار فعلًا".

وتساءلت: "هل تتغيّر هذه السياسة الأميركية تجاه لبنان، وتحديدًا "​حزب الله​"، في ظلّ الوضع الأميركي الداخلي المستجد، ومع اقتراب ​الإنتخابات الرئاسية الأميركية​ المُرتقب إجراؤها في تشرين الثاني المقبل؟"، لافتةً تعليقًا على التحركات الاحتجاجيّة والتظاهرات المستمرّة في الولايات المتحدة الأميركية، منذ حصول حادثة مقتل المواطن الأميركي من أصل إفريقي ​جورج فلويد​ على يد شرطي أميركي في مدينة منيابولس في ولاية مينيسوتا في 25 أيار الماضي، إلى أنّ "لا شكّ في أنّ هذه الخبطة قويّة، لكنّها ليست جديدة، ويجب الانتظار إلى أيّ حد ستصل، لكن من غير المُتوقَّع أن تصل إلى حدود أبعد من الاحتجاج الموقّت".

وأشارت المصادر الدبلوماسيّة، إلى أنّه "على رغم تأثّر الإدارة الأميركية وانشغالها بأزمة "​كورونا​" والتظاهرات الحاليّة، إلّا أنّ الأزمتين لن تغيّرا من السياسة الخارجيّة الأميركيّة بنحوٍ جذري، بل قد يحدث بعض التأخير فيها، لا أكثر"، مؤكّدةً أنّ "الأميركيين لن يهملوا الشؤون الخارجية، ومنها السياسة تجاه ​إيران​ المستمرّة وفق سياسة "العصا والجزرة"، والبرهان على هذا العقوبات الأخيرة وتبادل الأسرى بين البلدين. وبالتالي، إنّ رهان البعض في لبنان على الانكفاء الأميركي الخارجي في هذه المرحلة، "غير منطقي وساقط".

وشرحت كيف أنّ ​الحكومة الأميركية​ وقعت بين مطرقة وسندان في لبنان، "فمن جهة لا تريد انهيار لبنان، إذ إنّه ليس من مصلحتها أو مصلحة ​إسرائيل​ ويضرّ وجودها ومصالحها النفطيةّ في المنطقة، فضلًا عن أنّ للولايات المتحدة تجربة سابقة بانهيار لبنان غير مشجّعة. لذلك، يشدّد الأميركيون على ألّا يحصل انهيار كامل في لبنان، لكن في المقابل إنّ البلد ينهار فعليًّا". وبيّنت أنّ "لذلك، يَعتبر الأميريكيون أنّ تدخُّل "​صندوق النقد الدولي​" لمساعدة لبنان هو الحلّ الناجع الآن لمنع الانهيار من دون تحقيق الإزدهار، لعلّ مساعدات "صندوق النقد" تتمكّن من إيقاف الانهيار المالي والإقتصادي عند حدود معينّة، في موازاة الشق السياسي الأساسي والعقوبات على "حزب الله"، مع سَعي إلى ألّا تؤثّر على ما تبقّى من ​الاقتصاد اللبناني​".

كما ذكرت أنّ "الرئيس الأميركي ​دونالد ترامب​ يريد تجميد الوضع في لبنان، إلى حين الوصول إلى الإستحقاق الرئاسي الأميركي، مع استمرار العقوبات على "حزب الله" وهي جزء من العقوبات على إيران، في إطار هدف ترامب الأوّل حاليًّا وهو جَلب إيران إلى الطاولة قبل ​الانتخابات الرئاسية​ المقبلة، فهو في حاجة ماسّة إلى إنجاز ونجاح في السياسة الخارجيّة، بعد فشل سياسته من ​أفغانستان​ إلى إيران".

وأفادت بأنّ "لتحقيق هذا الهدف، يفرض ترامب العقوبات على إيران وأذرعها في المنطقة ويمدّ يده للجمهورية الإسلامية في الوقت نفسه، ويبقي العلاقة مفتوحة مع الإيرانيّين، حتّى لو على مستوى عمليّات تبادل الأسرى. فهو سيعمل خلال الأشهر المقبلة للوصول إمّا الى قرارات "شعبويّة" متشدّدة تجاه إيران، أو الإجتماع بالرئيس الإيراني ​حسن روحاني​، على سبيل المثال، ليحقّق الإنجاز المطلوب". وشدّدت على أنّ "محاولة جَلب الإيرانيّين "ضعيفين" الى الطاولة ستستمرّ. بدورهم، يسعى الإيرانيّون إلى الصمود خلال الأشهر الستة المقبلة، ويتخوّفون في الوقت نفسه من فوز ترامب مجدّدًا".