تراوح المساعي الحميدة التي تبذلها حركة "أمل" على خط الوساطة لإعادة تفعيل "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" في لبنان، التي لم تعقد اي اجتماع لها منذ أشهر عديدة رغم خطورة الاوضاع السياسية والامنية التي تمر بها ​القضية الفلسطينية​ مكانها في ظل "التريث" من جهة، والشروط بين الطرفين سواء من فصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" بما فيها حركة "فتح" و"تحالف ​القوى الفلسطينية​" بما فيها حركة "حماس" من جهة أخرى.

وأبلغت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان عضو المكتب السياسي لحركة "أمل" ومسؤول الملف الفلسطيني في لبنان الحاج محمد الجباوي أجرى سلسلة اتصالات ومسؤولي القوى الفلسطينية أبرزهم بأمين سر حركة "فتح" وفصائل "المنظمة" في لبنان فتحي ابو العردات، وأمين سر التحالف ممثل حركة "حماس" في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي "أبو ياسر"(قبل أن يتسلمها مسؤول "القيادة العامة" في لبنان غازي دبور)، لجسّ النبض حول عقد اجتماع توافقي، الا ان الاجوبة لم تكن "مشجّعة" وطلبت بالمزيد التريث بهدف حسم بعض القضايا الخلافيّة، سيّما مع رفع سقف الشروط والتي وصلت "لغويا" الى حد وضع "فيتو" على مشاركة مسؤول حركة "الانتفاضة" الفلسطينية حسن زيدان، مقابل مطالبة بضمّ "التيار الاصلاحي" برئاسة العميد محمود عيسى "​اللينو​"، ناهيك عن الاصرار على مشاركة مسوؤلي "الصف الاوّل" دون سواه، ومبدأ "المداورة" على امانة سر "الهيئة" وقد جرى الاتفاق مبدئيا على بقاء أمين سر "المنظمة"، مقابل تثبيت نائب أمين السر رسميا من "التحالف".

وتقول المصادر، ان الخلافات "الباطنية" اعمق من تلك "الظاهرة"، وتمتد الى تداعيات الخلافات الفتحاوية–الحمساوية في الداخل، على ضوء "فشل" المصالحة الوطنية وتبادل الاتهامات بين الطرفين، وعلى قضايا تتعلق بالساحة الفلسطينيّة في لبنان وأبرزها ما يتعلق بتوزيع المساعدات المالية التي قامت بها وكالة "الاونروا" حيث حضر كل طرف اجتماعا منفردا مع مدير عام "الاونروا" ​كلاوديو كوردوني​ دون ان يكون هناك موقفا موحدا تجاهها، والاهم الاخذ على بعض القوى عدم التزامها بما يتم الاتفاق عليها في الاجتماعات، والعمل بعكس الاتفاق، ما يعكس صعوبة التفاهم الداخلي او يبقيه شكليا.

ويحاول رئيس حركة "أمل" رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ رأب الصدع بين القوى الفلسطينية، سيما وانه اشرف شخصيا في أيلول من العام 2018 على اطلاق "هيئة العمل الفلسطيني المشترك"، التي تعتبر المرجعية السياسية والامنية للمخيمات الفلسطينية في لبنان، وهو على قناعة بضرورة ان تعقد اجتماعاتها نظرا لخطورة المرحلة التي تعيشها القضية الفلسطينية وتداعياتها على الساحة اللبنانية ومخيماتها.

ملفات ساخنة

والى جانب ملف "هيئة العمل الفلسطيني المشترك"، بقيت عملية توزيع المساعدات المالية الطارئة التي قدمتها "الاونروا" عبر فروع شركة "بوب فايننس"، مدار متابعة واهتمام من القوى السياسية والشعبية، وسط حالة استياء من الآلية، حيث لم تراعِ أدنى القواعد الإدارية والتنظيمية، وحتى السلامة الصحية في ظل انتشار جائحة "كورونا"، وساده الارباك والفوضى ما دفع "الاونروا" الى وقفها مرتين، والاعتذار عن التجاوزات، قبل ان تطلق نظاما الكترونيًّا يسمح لها باصدار ارقام الحوالات على دفعات، لتقليل الازدحام امام فروع "بوب فاينس"، وضمان سلامة المستفيدين وصحتهم ويمكنهم من استلام المساعدات بطريقة لائقة وكريمة في أسرع وقت ممكن.

وتؤكد مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان الفوضى لم تكن السبب الرئيسي للاستياء الفلسطيني فقط، وانما تراكم سلسلة "اتهامات" للوكالة بالتقصير وعدم الاستعداد الجدّي للتصدّي لمخاطر انتشار جائحة "كورونا" من جهة، والتأخر في مواجهة تداعياتها السلبية اجتماعيا واغاثيا ومنها توزيع المساعدات المالية نفسها من جهة أخرى، ناهيك عن التقليص المستمر في خدماتها وتقديماتها في ظل الفقر المدقع الذي يزنّر ابناء المخيمات والازمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة وارتفاع نسبة البطالة.

ويقول أمين سر "اللجان الشعبية الفلسطينية" في لبنان ابو أياد شعلان، ان عملية التوزيع تميزت بالكثير من الاخطاء "المميتة"، مستغربا "كيف ان مؤسسة مثل "الاونروا" لديها خبرة طويلة في العمل الاجتماعي والانساني والاغاثي ولا تحسن تقدير الموقف في عملية التوزيع"، قائلا "كنا نتمنى ان تكون عبر الموظفين وفي المدارس التابعة لها، لانه كلما زاد عدد الاماكن لتوزيع ارقام "الحوالات" التي من خلالها يحصل اللاجئ على مساعدته المالية، كلما خفّ الازدحام على فروع شركة الموزّعة.

بينما طرح مسؤول العلاقات السياسية لحركة "حماس" في منطقة صيدا الدكتور أيمن شناعة، علامات استفهام حول الاصرار على التعاقد مع هذه الشركة بالذات؟ وهل هناك سمسرة؟ متسائلا "لماذا لم تتعاقد "الاونروا" مع اكثر من شركة معروفة على امتداد الساحة اللبنانية لتسهيل عملية القبض؟ مشيرا الى ان "هناك اجماع فلسطيني على اعتبار أن الطريقة التي جرت فيها عملية التوزيع "مهينة ولا مسؤولة والتي تمت دون التنسيق والتشاور مع القوى الفلسطينية.

الامن و​المخدرات

والى جانب توزيع المساعدات الماليّة، بقي ثلاثة ملفات ساخنة قيد المتابعة وهي الحفاظ على الأمن والاستقرار في مخيمات لبنان، وفي مقدمتها ​مخيم عين الحلوة​، ومحاربة آفة المخدرات التي بدأت تغزو المجتمع المدني لبنانيًّا ولم تسلم منه ​المخيمات الفلسطينية​، وقانون ​العفو العام​، وضرورة ان يشمل الفلسطيني كما اللبناني، خاصة المعتقلين الاسلاميين.