ذبُلت ورود... تلك ​المرأة​ التي كانت تعيش الغربة في وطن اختاروه لها بديلا عن وطنها، ليكون مرقدها الاخير، بعد أن "تُقطع" من الدنيا، بمقصّ رجل أطلق العنان لسلاحه في حرب ​مخدرات​ لعينة. حاولت الهروب من مسار الرصاص، ولكنها لم تكن أسرع من تلك الرصاصة التي اختارت رأسها مرفأ لها، يحملها في رحلتها الأخيرة، من ​الحياة​ الدنيا الى عالم الموت.

هكذا تُخطف الروح من صاحبها في بلد ​السلاح​ المتفلّت، والمحكوم بقوانين شريعة الغاب، حيث يأكل القوي الضعيف، ويموت الناس في معارك عصابات لا علاقة لهم بها، وما حصل في ​مخيم شاتيلا​ لم يكن جديدا على أبناء المخيم، مع العلم أن حروب العصابات، وتفلّت السلاح غير محصور في بقعة جغرافية واحدة.

قد يكون من الظلم اعتبار مخيم شاتيلا مرتعا وحيدا لسلاح فردي متفلت من كل الضوابط، ففي ​لبنان​ مناطق عديدة تعاني من "استسهال" استعمال السلاح، فعندما لفظت ورود انفاسها الاخيرة، كانت إحدى مناطق ​البقاع​ تتحضر لليلة عامرة بالاشتباكات على خلفية "الثأر"، وقبلها بأيام في ​الطريق الجديدة​، وما سبقها، وبعدها، طالما بقي السلاح في يد العصابات، ولم تُفرض القوانين القاسية على مستعمليه.

إن معالجة موضوع السلاح المتفلت باتت أكثر من ضرورية اليوم، لا سيما مع تفاقم الأزمتين الإقتصادية والإجتماعية، وبالتالي إرتفاع مستوى التوترات في الشارع، وهذا الأمر لا يجب أن يثير مخاوف أي جهة، فالسلاح الذي يحمله مجرمون، يعرض حياة جميع المواطنين للخطر بأي لحظة.

هذه الآفة الإجتماعية تكبر يوماً بعد آخر، ولا يمكن بعد اليوم السكوت عنها، نظراً إلى أن أياً منا لا يمكن أن يبقى عرضة لخطر الموت المفاجئ، بسبب مجموعة من تجار المخدرات أو الشبّيحة الذين يجمعون الخوّات، مكانهم الطبيعي هو ​السجن​ لا تزعّم الشوارع والأزقة مدججين بالأسلحة الفردية.

هذا الأمر من الضروري أن يكون على طاولة ​مجلس الوزراء​ في أول جلسة يعقدها، سواء في ​السراي الحكومي​ أو ​القصر الجمهوري​، على أن يتم تكليف وزيري الداخلية و​البلديات​ ​محمد فهمي​ والدفاع الوطني ​زينة عكر​ بوضع دراسة شاملة لكيفية معالجة هذه ​الأزمة​ مهما كان الثمن، نظراً إلى أن حماية المواطنين من مجموعة الزعران المتنقلة بأهمية البحث في كيفية معالجة الأزمات المالية والإقتصادية، إن لم تكن تفوقها، فالأزمة الاقتصادية والمالية تقتل الناس ببطئ، بينما أزمة انتشار السلاح الفردي تقتل الناس فورا.

تحرّك مدعي عام التمييز القاضي ​غسان عويدات​ فكلف ​شعبة المعلومات​ بإجراء اللازم فوراً لتوقيف تجار المخدرات الذين تسببوا بمقتل ورود، واذا توافرت النية يُلقى القبض عليهم سريعا، ولكن ما يجب تأكيده هو أنه حان الوقت كي لا تبقى رُخص السلاح هدايا يحصل عليها من يرغب، بعد نيل بركة من يلزم، وضبط هذه المسألة بات حاجة ملحّة، والتشدد في تطبيق القوانين لردع المعتدين لم يعد يحتاج الى تفكير وتحليل وانتظار، وإلا فلنلبس الدروع والخوذ، الى جانب ​الكمامة​ بشكل يومي.