قبل نشر قانون آلية ​التعيينات​ في الجريدة الرسمية، "هرّب" مجلس الوزراء التعيينات المالية والإدارية بتقاسم كامل وشامل للحصص، بظل اعتراض ​تيار المردة​، الذي تمثل بحصة، وامتعاض وزير ​حزب الله​ عماد حبّ الله، مع العلم أنّ الحزب الذي نال حصته كاملة، لعب دورا جوهريا في تمرير التعيينات في جلسة الأربعاء.

في قراءة سريعة للتعيينات التي أقرها مجلس الوزراء، تبرز رغبة واضحة في عدم إغضاب أيّ فريق، سواء داخل الحكومة أو خارجها، وهو ما ظهر بشكل واضح في النتيجة التي خرجت بها، فهي في الأساس كانت عبارة عن تسوية كبرى بين مكونات الحكومة، تم خلالها حفظ الحصّة التي يرغب فيها رئيس الحكومة ​حسان دياب​ سنياً.

وعلى الرغم من الإمتعاض الذي كان قد عبّر عنه رئيس تيار "المردة" النائب السابق ​سليمان فرنجية​، الذي ترجم في غياب وزيري الإشغال العامة والنقل ميشال نجار والعمل لميا يمين عن الجلسة، إلا أنّ حصة "المردة" لم يتم المس بها، في حين أن "حزب الله" حافظ على معادلة تقاسم الحصة الشيعية مناصفة مع "​حركة أمل​"، بينما الحصة الأكبر كانت مسيحياً لـ"التيار الوطني الحر".

وفي هذا الإطار، لم تشكّل التعيينات السنّية تحدياً لتيار "المستقبل"، الذي رفع السقف عالياً في وجهها في الفترة الماضية، نظراً إلى أنها لم تكن مستفزّة له على مستوى الأسماء التي تم تعيينها، اذ لا يمكن لعضو مجلس إدارة غير تنفيذي في بنك البحر المتوسط والذي يملك الحريري 40 بالمئة من أسهمه، سليم شاهين، أن يكون مستفزّا للحريري، ولا حتى إسم رئيسة ​مجلس الخدمة المدنية​ نسرين مشموشي، والتي يُقال أن للمستقبل فيها اكثر من أي طرف آخر.

في المقابل كان طيف رئيس "​الحزب التقدمي الإشتراكي​" النائب السابق وليد جنبلاط حاضرا أيضاً، من خلال اسم العضو في هيئة الأسواق الماليّة فؤاد شقير، علما أنّ حصته لن تنتهي عند هذا الإسم وسيكون له أيضًا في تعيينات مقبلة.

بالنسبة الى الشكل، نال اطراف الحكومة الأساسيين حصصهم، ونال خصومها الأساسيين حصصهم، ما عدا القوات اللبنانيّة، التي لم تحصل على أيّ مقعد، أما في المضمون، فلا بد من التوقف عند التعيينات الأبرز، أي المالية وتحديدا نواب حاكم المصرف الأربعة. حيث تكشف مصادر اقتصادية مطّلعة أن التعيينات المالية لم تهدف لتحسين الوضع المالي، بل للسيطرة على "القرار المالي"، مشيرة الى أن الأسماء لا تشكل استفزازا ل​جمعية المصارف​ في الداخل، ولا للخارج، مشددة على أن ما قيل عن تمسك أميركي ب​محمد بعاصيري​ لم يكن دقيقا، والدليل عدم عودته الى منصبه.

وتضيف المصادر عبر "النشرة": "هناك مبالغة بالحديث عن رضى أو فيتو أميركي، فقرار التعيينات الذي تأخّر سنة ونيّف، لم يكن بسبب الموقف الأميركي بل لغياب الاتفاق الداخلي على الحصص"، مشيرة الى أن نواب الحاكم بحاجة الى وقت لكي يتبيّن خيرهم من شرّهم، ولكن كان بالإمكان تعيين الأفضل لناحية الكفاءات.

بالنسبة الى المصادر، فإنّ الطرف الذي لم يستشر جمعية المصارف بالخطة الاقتصادية الماليّة، لن يستشيرها بأمور اخرى كالتعيينات، ولكن الجمعية لا تريد التصادم مع الحكومة إنما التعاون معها، وهذا لا يعني أنها لن تقول الحقيقة بالنسبة الى التعيينات التي ركّبها كارتيل المستشارين، فسمّى عضوين اقتصاديين في لجنة الرقابة على المصارف، وهذا أمر غريب، وسمّى أشخاصا لا خبرة مصرفيّة لهم كنواب للحاكم.

ولكن هذا لا يعني أن الأسماء المعيّنة لم تكن للمصارف علاقة بها، خصوصا وأن القانون يتيح لها تقديم 3 أسماء لاختيار أحد أعضاء هيئة الرقابة على المصارف منها، فكم من إسم وإسم عيّنوا يعملون في مجالس إدارات المصارف، ولعل تعيين مايا دباغ، القادمة من مصرف البحر المتوسط أيضا، كرئيسة للجنة الرقابة على المصارف أبسط رسالة على ذلك، الى جانب المرشح لعضويّة هيئة الرقابة على المصارف مروان مخايل، والذي تم ترشيحه بالاتفاق بين رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ وجمعية المصارف.

وفي سياق متّصل علمت "النشرة" أن التعيينات الماليّة التي كانت مطلب ​صندوق النقد الدولي​ لا يمكن أن تضمّ أيّ إسم مستفز له أو للإدارة الأميركية، وإن كان محمد بعاصيري لم يسمَّ الا أن المعينين لا يستفزّون أحدا، وتحديدا بديل بعاصيري، سليم شاهين الذي يعمل في الجامعة الأميركيّة في بيروت، إلا ان كل هذا لا يعني أن الامور الماليّة ستعود على ما يُرام، كون المشكلة الأساس تتعلق بالثقة، لا بتعيينات وحصص.