فتحت جلسة ​مجلس الوزراء​، يوم الأربعاء الماضي، الباب أمام طرح مجموعة واسعة من التساؤلات حول مصير حكومة حسّان دياب، لا سيما أنها جاءت بالتزامن مع ضخ مجموعة واسعة من المعلومات عن أن العد التنازلي لها قد بدأ، على وقع حركة سياسية لافتة بين عين التينة وبيت الوسط وكليمنصو، عمادها كل من رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ ورئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ ورئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" النائب السابق ​وليد جنبلاط​.

حتى الساعة، لا يمكن الحديث، على المستوى السياسي، عن أي توجه نحو تغيير أو تعديل حكومي، فالمعطيات الراهنة لا تساعد في ذلك، فليس هناك من مؤشر على رفع الفيتو الخارجي الذي كان قائماً أمام عودة الحريري إلى ​السراي الحكومي​، في حين أنّ المياه لم تعد إلى مجاريها على مستوى العلاقة بين رئيس تيار "المستقبل" ورئيسي الجمهورية العماد ​ميشال عون​ و"التيار الوطني الحر" النائب ​جبران باسيل​.

على الرغم من ذلك، تشير مصادر سياسية مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أن هذا الواقع السياسي لا يعني أن الحكومة الحالية تستطيع أن تنام على حرير معادلة غياب البديل عن رئيسها، نظراً إلى أنها على ما يبدو دخلت مرحلة تجاهل الشارع المنتفض منذ السابع عشر من تشرين الأول الماضي، على الرغم من تفاقم الأزمات الماليّة والإقتصاديّة والإجتماعيّة، متسلّحة بما ردّده دياب، على طاولة مجلس الوزراء، من مساعٍ إسرائيلية لخلق فتنة مذهبيّة في البلاد، للتعمية على حقيقة الأوضاع.

بالنسبة إلى هذه المصادر، لا أحد ينكر حجم الضغوط الخارجيّة، خصوصاً الأميركيّة، ولا السعي إلى إستغلال المطالب الشعبيّة لتسجيل نقاط في السياسة، كمظاهرة يوم السبت الماضي والدعوات إلى نزع سلاح "​حزب الله​"، لكن في المقابل تلفت إلى أنّ حكومة دياب تقدّم كل مقوّمات إشعال الشارع من جديد، بسبب عجزها عن القيام بأيّ خطوة إصلاحيّة يمكن الركون إليها.

إنطلاقاً من ذلك، تسأل المصادر نفسها عن مبرّرات ​التعيينات​ التي أقرّت في جلسة مجلس الوزراء، لناحية ​المحاصصة​ وتقاسم المناصب بين قوى الأكثريّة النيابية ورئيس الحكومة، والتي رافقتها مجموعة واسعة من المخالفات القانونيّة التي لا يمكن تجاهلها، وتؤكّد أن ما لا يمكن تجاهله هو موقف دياب السابق منها، حين إعتبر أنها لا تشبهه ولا تشبه حكومته، وهو ما دفع وزير الصناعة ​عماد حب الله​ إلى تذكيره، قبل إنعقاد الجلسة، بذلك، عبر طرحه سؤالاً غير بريء، عبر مواقع التواصل الإجتماعي، حول ما إذا كانت التعيينات، التي أقرت، تشبه الحكومة.

من وجهة نظر المصادر السّياسية المطلعة، لا يستطيع رئيس الحكومة أن يقدّم أي مبرر لهذه الخطوة، بإستثناء دخوله فريقاً مضارباً في توزيع المكاسب، خصوصاً أنه سبق له أن طرح، في الفترة الماضية، أسماء مرشحين محسوبين عليه لأكثر من منصب، وبالتالي هو خسر ورقة القوّة الوحيدة التي كانت بين يديه، أيّ تقديم نفسه كشخصيّة من خارج أركان الطبقة السّياسية التقليديّة، وسعيه إلى الترويج لنظريّة أنه سيكون ممثل ​الحراك الشعبي​ على طاولة مجلس الوزراء، وتؤكّد أنه سقط في هذا الإمتحان، ليفتح الباب أمام الحديث عن سقوط هذه الظاهرة التي كان البعض يطالب بأن تمنح الفرصة.

في هذا الإطار، ترفض هذه المصادر الحديث عن أن رئيس الحكومة لم يكن يملك أيّ خيار بديل، حيث تشير إلى أنه كان قادرا على التمسّك بالمعادلة التي سمحت لقوى الأكثريّة بتجاهل الشارع، أيّ غياب البديل، وبالتالي كان من الممكن لتجنّب تجرع الكأس المُر التلويح بالإستقالة، لا سيّما أنه أقدم على ذلك في السابق، وتؤكّد أنه لو فعل لكان نجح في إعادة جمع فئات واسعة من اللبنانيين حوله، تماماً كما حصل عندما رفض بند التعيينات المالية في شهر نيسان الماضي، تحت عنوان أنها لا تشبهه ولا تشبه حكومته.

في الختام، تعيد المصادر نفسها التأكيد بأن الحكومة الحالية لا تواجه خطراً سياسياً، حتى الآن، لكنها تشدد على أن هذا لا يعني قدرتها على تجاهل الشارع بأيّ شكل من الأشكال، نظراً إلى أن الأخير قادر على التحرك في أيّ لحظة، في ظلّ الأوضاع الإقتصاديّة والإجتماعيّة الحالية، لفرض تغيير جديد، كما فعل عندما أجبر الحريري على الإستقالة.