لفت العلامة السيد ​علي فضل الله​، إلى أنّ "في ​لبنان​، يتصدّر الوضع المعيشي الضاغط الواجهة، الّذي قد يأتي على حساب الوضع الّذي تسبّب فيه فيروس "كورونا"، بعدما نزل الناس إلى الشوارع"، مشيرًا إلى أنّهم "قد يستمرّون بالنزول من دون الأخذ بالإجراءات الصحيّة الكفيلة بوقايتهم، فهم باتوا غير قادرين على تحمّل الارتفاع غير المسبوق في سعر صرف ​الدولار​ بعد تجاوزه عتبة الخمسة آلاف ليرة، والّذي انعكس ارتفاعًا مضاعفًا في أسعار المواد الغذائيّة، وتهديدًا للقدرة الشرائيّة، بعد أن لم تقم ​الحكومة​ بالدور المطلوب منها في لجم هذا التدهور أو في معالجة تداعياته الّتي لن تقف عند لقمة عيش المواطنين، بل تتعدّاها إلى أمنهم واستقرارهم السياسي والاجتماعي والنفسي".

وركّز خلال إلقائه خطبتَي صلاة الجمعة، من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في ​حارة حريك​، على أنّ "الإجراءات الّتي اتّخذتها الحكومة لمعالجة الأوضاع الضاغطة لم ترقَ إلى مستوى المعالجة الجادّة للأسباب الّتي أدّت إليها، ومن هنا فإنّنا أمام هذا الواقع نُعيد دعوة الحكومة الّتي أخذت على عاتقها مسؤوليّة إخراج هذا البلد من النفق المظلم، إلى تهدئة غضب الشعب الّذي لا تعرف تداعياته ولا من قد يدخل على خطّه، حيث الكل يعرف مخاطر نزول الناس إلى الشارع وما قد يجري فيه". ودعا الحكومة إلى "القيام بمعالجة الأسباب الحقيقيّة لهذا التدهور، وعدم الاكتفاء كما يكتفى الآن بالإجراءات الّتي اتّخذت كما جرى بحقّ الصرافين، والّذين ليسوا سببًا رئيسيًّا فيها، بل هم يستفيدون من تداعياتها وإن كنّا مع ضبط ما يجري".

وشدّد الشيد فضل الله، على أنّه "أصبح واضحًا أنّ العلاج لن يكون إلّا بإعادة نظر جذريّة بال​سياسة​ الماليّة والنقديّة الّتي أوصلت البلد إلى ما وصل إليه، وباستعادة ​الأموال المنهوبة​ واستثمار الدولة لمواردها وتفعيل القطاعات الإنتاجيّة، وعدم الاكتفاء بالشعارات عن ضرورة ​الاقتصاد​ المنتج، وفي الوقت نفسه أن تجري الملاحقة الأمنيّة والقضائيّة للجهات الّتي تتلاعب ب​سعر الدولار​ بما يفاقم من حدّة الأزمة".

وأكّد أنّ "على الحكومة أن تتحمّل مسؤوليّتها في هذا الظرف الصعب، حتّى تستعيد ثقة الناس بها، وسوف يقفون معها في أي إجراءات إذا كانت صادقة وجديّة معهم، وهم لن يخذلوها وسيصبرون معها في كلّ ما قد تقوم به، حتّى لو كان ذلك على حسابهم". ورأى أنّه "لا ينبغي أن يكون رهانها الوحيد على "​صندوق النقد الدولي​" الّذي أصبح واضحًا أنّه لن يقدّم شيئًا في ظلّ هذا الواقع السياسي، وإن قدّم فسيقدّم ما لا يعالج مشاكل البلد الماليّة والنقديّة، إلّا بشروط لن يقوى البلد على تحمّل أعبائها وشروطها".

كما جدّد دعوته للحكومة إلى "المسارعة في احتواء الأوضاع والوفاء للأهداف الّتي جاءت على أساسها ووعدت المواطنين بها، وعليها أن تتّقي غضب الناس، الّذين لن يرحموا حكومة تعيدهم إلى واقعهم السابق، هم خرجوا من أجل التخلص منه ولن يعودوا بعقارب الزمن إلى الوراء". وأفاد بأنّه "إذا كانت الحكومة تتحدّث عن أنّها لا تخضع في سياساتها لحسابات فئويّة أو أنّها تقوم ب​التعيينات​ على أساس الكفاءة لا ​المحاصصة​، فإنّ مسؤوليّتها توضيح ذلك للناس، وإظهار صدقيّتها في الوفاء بما وعدت به".

وبيّن فضل الله، أنّ "على الحكومة أن لا تراهن على أنّها باقية لعدم وجود البديل وأنّ لا خيار، فليس هذا منطق التاريخ ومنطق الحاضر، فعلى الحكومة أن تعي مبرّر وجودها هو أن تكون صوت الناس ومعبّرة عنهم، وهم سيكون ضمانها ولن تحميها القوى السياسيّة الّتي أوجدتها إن لم يرد الشعب الّذي هو مصدر الشرعيّة الأساس لها". وذكر "أنّنا لن نهوّن من حجم الأزمات الّتي يعاني منها البلد، ولا حجم الضغوط الّتي تنتظره، ولكنّنا دائمًا نؤكّد أنّ الأبواب ليست مغلقة، بل هي مفتوحة شرط أن تقرر القوى السياسية أن تخرج من انقساماتها، وأن تتعاون جميعها فيما بينها على إخراج هذا البلد من أزماته، والذي إن سقط فلن يسقط على رأس الحكومة أو بعض القوى السياسية التي تدعمها بل على رؤوس الجميع".