عند الساعة السابعة من عصر يوم السبت الماضي، شُوهدت في منطقة عمشيت آليات ​الجيش اللبناني​ تتجه الى طرابلس، ما دلّ يومها على أن المعلومات التي وردت الى ​قيادة الجيش​ حول تلك الليلة كانت تؤكد نيّة المجموعات التخريبيّة إشعال الفوضى، وهو ما حصل، فما الذي يجري في ​مدينة طرابلس​؟.

إرتدت "عروس ​الثورة​"، بحسب ما يحب أبناء ​الحراك الشعبي​ تسميتها، ثوبها الأسود، وأعلنت الحداد على "روح" حراك كان يُراد منه تغيير وجه المدينة الى الأفضل، فما يجري اليوم في المدينة لم يعد حراكا ولا "ثورة" مطالب معيشيّة محقة، بل حرب عصابات سيّاسية، بحسب ما تقول مصادر مطّلعة في المدينة، مشيرة عبر "النشرة" الى أنّه لفهم ما يجري في المدينة لا بد من تقسيم الشارع الى ثلاثة أقسام.

القسم الأول، بحسب المصادر، يضم المطالبين الحقيقيين بالحقوق، وهم الذين تحركوا في تشرين الأوّل الفائت، وعبّروا عن مطالبهم برقيّ، وهؤلاء لم يحركهم ​الفقر​ والعوز، بل إرادة التغيير الحقيقيّة لنقل المدينة من واقعها الأسود الى عالم النور، أما القسم الثاني، فيضم بعض ​الشباب​ المندفع باتّجاه المواجهات، وهؤلاء يفتّشون عن حجّة لـ"فش الخلق"، وتنفيس فقرهم وجوعهم وحقدهم على الدولة التي لم تنظر اليهم يوما، والقسم الثالث وهو القسم الأخطر، والذي يضمّ أشخاصا باعوا أنفسهم لمن يدفع اكثر، ويرتبطون بشخصيّات سيّاسية، ودول اجنبيّة.

وتضيف المصادر: "القسم الأول لم يعد يشارك في التحركات، بعد أن اكتشف أن المدينة تحوّلت الى ساحة حرب يتبادل فيها الخصوم الرسائل، بينما القسم الثاني فهو يشارك ببداية التحركات وينسحب عندما تتأزّم الامور، فيبقى القسم الثالث الذي يعمل وفق أجندات متنوعة"، مشيرة الى أنّ طرابلس تدفع اليوم ثمن نزاع الأخوة، ومعارك نفوذ دول تسعى للسيطرة على الشارع السنّي في لبنان، وكل هذا بالتواطؤ مع أجهزة، وشخصيّات طرابلسيّة، وغضّ نظر من قبل سياسيين يلعبون دور المتفرّج على احتراق المدينة.

وتكشف المصادر أنّ المدينة تعاني من خطر حقيقي اليوم، ففي أيّ لحظة قد تتفجر الأمور بين اهل طرابلس واهل ​جبل محسن​، او بين اهلها والجيش اللبناني، ويخشى أبناء المدينة من خضّات جدّية يدفع ثمنها أبناء المدينة، مشيرة الى أن المنصّبين أنفسهم قادة لـ"الثورة"، والذين يتعامل معهم الإعلام كوجوه ممثّلة للطرابلسيين، هم أبرز المُرتَهنين الذين ينفذون أجندات سياسية.

في أحداث شهر نيسان الماضي، ثبُت من خلال التحقيقات تورّط حوالي 40 شخصا بتحريك الشغب والفوضى بطرابلس، والاعتداء على ​المصارف​ والجيش اللبناني، وتكشف المصادر أن مجموعة ضيّقة من الأشخاص تقود هذه العمليات، تعلم الاجهزة الامنيّة والقضائيّة أسماءهم، مع العلم أن عددا كبيرا من المنفّذين هم من جنسيّات أجنبيّة، أو من مناطق محيطة بالمدينة، مشيرة الى أن الأجهزة المعنيّة تملك المعلومات اللازمة عن التمويل ومصدره، فماذا لا يتم الإنقاذ وتوقيف المجموعات المشاغبة؟.

تخشى المصادر من محاولات تفريغ طرابلس من كل المؤسسات العامة والخاصة الأساسية، فالمصارف التي تحترق قد تتّخذ قرارها بالإقفال، والشركات الخاصّة لم تعد تجد في المنطقة مكانا مناسبا للعمل، وكل هذا سيؤدّي لزيادة عدد العاطلين عن العمل في المدينة، وانقطاعها عن الخدمات الضرورية.

أحرق الفوضويّون شاحنات لبنانيّة تحمل مساعدات إنسانيّة الى ​سوريا​ عبر ​الأمم المتحدة​، واحرقوا سيارة إسعاف، وآليّات عسكريّة، ومصارف، ومع مرور كل "تحرك" ترتفع حدّة الاشتباكات، وكل ذلك بعلم الذين يُفترض بهم أن يمثّلوا المدينة ويحمونها، وهذا ما يجعلنا كلبنانيين نخشى الأسوأ في طرابلس، بعد أن أصبحت أرضًا خصبة لكل العابثين في أمن واستقرار لبنان.