يعتبر العمل بالأرض بالنسبة الى الرهبان رسالة تقدّسهم مثلما تقدّسهم ​الصلاة​، والأرض تعطي خيرات واسعة يُمكن الإستفادة منها في هذا الزمان الصعب.

الرهبانية ال​لبنان​ية المارونية في لبنان تعدّنموذجاً لناحية العمل بالأرض، وتعتبر مصدر إنتاج للمحيط الموجودة فيه لكونها تملك مساحات زراعية شاسعة إضافة الى كونها تركّز على إنتاج المونة وفي نفس الوقت تشغّل اليدّ العاملة في بيئتها على اختلاف انتماءاتهم الطائفيّة، وهذه بحدّ ذاتها رسالة تقوم بها فتساعد بالحفاظ على الامن الغذائي للمجتمع والوقوف الى جانب اللبناني من ناحية أخرى.

دير ​مار مارون​ عنايا نموذجاً

دير مار مارون-عناياضريح القدّيس شربل واحد من الأديار التي تعتبر نموذجاً للإكتفاء الذاتي وتأمين العمل لأهالي البلدة سواء في الأرض أو في المعمل التابع للدير أو في المتنزهات هناك. وفي هذا الاطار يشرح المسؤول عن سجلات العجائب في ​دير مار مارون عنايا​ ​الأب لويس مطر​ أن "الأراضي الزراعية المحيطة بالدير تبلغ مساحتها 800 الف مترمربّع يزرع فيها مختلف انواع ​الفواكه​ من التفاح الى الاجاص والكرز وغيرها من الأنواع التي تتوزّع حسب المواسم على مدار ​السنة​"، مضيفاً: "كذلك يشتهر دير مار مارون عنايا بصناعة ​النبيذ​ على مختلف أنواعه"، مشيراً الى أن "​العنب​ يُقطف من "الكروم" التي يملكها الدير".

يتحدّث الأب لويس مطر عن المعمل التابع للدير وفيه تصنع الأجبان والألبان، اضافة الى المربيات على أنواعها، لافتا الى "وجود مطاعم تقصد الدير لشراء المربيات وتعرضها لديها على أساس أنها هي من يصنعها"، مشيراً أيضاً الى "وجود فرن لصناعة مختلف أنواع ​الخبز​ كالشوفان والنخالة وغيرها، والأهم أن صنع الخبز يتم دون إستعمال مواد حافظة"، مشدداً على أن "هذا المشروع يؤمن العمل لحوالي 600 موظّف يعملون ما بين الارض والمعمل والفرن والمنتزه".

وفي هذا السياق لا بدّ من الإشارة الى أن الإنتاج الديري يُغني عن استهلاك جزء لا يُستهان ولا بأس به من المنتوجات الزراعيّة المستوردة من خارج لبنان، لتأمين ولو جزء يسير من المنتجات اللبنانيّة في ​قضاء جبيل​.

120 الف صندوق تفاح

وفي ​الشمال​ أيضاً دير ​مار أنطونيوس​ قزحيا هو واحد من الأديار الذي يملك مساحات كبيرة، وبحسب رئيس الدير مخايل فنيانيوس فإن "هناك أراض نزرعها في المناطق الساحلية وأراض في الشمال وتنتج الليمون والتفاح والخضروات"، لافتا الى أننا "نصنع النبيذ الحلو وننتج الزيت"، مشددا على أن "الدير إشتهربزراعة التفاح، فنقطف سنويا حوالي 120 ألف صندوق تفاح ونبيعها".

الزراعة​ أساس

يشير الأب فنيانوس عبر "النشرة" الى أن "حوالي 40 عائلة تعتاش من الدير عبر العمل في مختلف القطاعات التابعة له"، لافتا الى أننا "نؤمّن حاجاتنا من جراء الزراعة وهذا الأمر ليس جديداً"، معتبرا أنه "شيئاً فشيئاً الناس ستعود الى الأرض والزراعة، وفي الشمال خصوصاً حيثالأراضي خصبة جداً". بدوره الأب لويس مطر يؤكد أن "دور الرهبنة هو رسالة اشعاع روحي وصلاة عبر زرع الايمان في قلب الشعب، والارض ستقدّس الراهب كما الصلاة لأنّه يتعامل معها بصدق ومحبة واتقان وبقدر ما يتعامل مع الأرض بصدق ومحبة ينجح".

يعدّ مزاري مار مارون عنّايا ومار أنطونيوس قزحيا نموذجان لما تقوم به الرهبانيات في لبنان.

يحتاج اللبناني للعودة الى الارض والزراعة والانتاج المحلّي للبقاء والاستمرار، وتساهم مثل هذه المشاريع التي تقوم بها الرهبانيات بتثبيت الناس في أرضهم وتساعدهم على تأمين لقمة العيش في هذا الزمن الصعب!.