في خطاب عيد التحرير الماضي، رسم رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ خارطة طريق للحل كما يراه هو، فاعتبر أن الصمود سيكون عنوان المرحلة الحالية والمقبلة التي يمرّ بها لبنان، على أن مواجهة التحديات التي تنتظر البلد لا تكون بالخطابات والوعود، ولا حتى بانتظار مفاوضات ​صندوق النقد الدولي​، بل تكون بالعمل لتعزيز عوامل الصمود.

يؤمن رئيس المجلس النيابي، بحسب مصادر مقرّبة منه، بأن السلم الداخلي هو الأهم، وبعد أن استشعر الخطر في "السبت المذهبي الأسود"، وما تلاه من أحداث، وصولاً إلى ليلة "إقالة" حاكم ​مصرف لبنان​ عبر مواقع التواصل الاجتماعي، فقرر التدخل بقوة، ما جعله يُطلق شعار "البحث عن الحلول لا عن المشاكل"، واليوم يحاول تأمين خطة الصمود والتصدي المطلوبة بعد بدء سريان قانون "قيصر" الأميركي.

وتضيف المصادر: "تمكّن بري من جمع رئيس ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ وليد جنبلاط ورئيس الحزب الديمقراطي ​طلال أرسلان​، فتحصّنت الساحة الدرزية في الجبل، واستمر بالعمل، فكانت فكرة الحوار الجامع في قصر بعبدا برعاية رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، اذ يتولّى برّي اليوم عملية إقناع المعارضين للحكومة بالحضور إلى الحوار، كذلك بذل رئيس المجلس النيابي جهداً بإقناع رئيس تيار المردة ​سليمان فرنجية​، الذي وللمناسبة كان على وشك تعليق مشاركته في الحكومة منذ أيام، الا أنّ زيارة معاون أمين عام ​حزب الله​ حسين الخليل إليه، حالت دون ذلك، مع العلم أن محاولات رئيس المجلس لعقد مصالحة بين المردة و​التيار الوطني الحر​ لن تتوقف".

لا تخفي المصادر نيّة بري التوسع بإجراء المصالحات وعمليات تدوير الزوايا بين الأفرقاء المتخاصمين، وتكشف أن عمل رئيس المجلس على خط حزب الله-تيار المستقبل قد انطلق، ولو بشكل يؤدي الى التهدئة وضمان عدم انزلاق الشارع الإسلامي الى الفتنة. يرى رئيس المجلس النيابي أن الاحتقان يؤدي الى الخراب، ومعارضة الحكومة بالمرحلة الحالية قد تؤدي لخسارة البلد، فالحكومة لا تحتمل، والمطلوب من المعارضة، من وجهة نظر برّي، الترفّع السياسي، والمشاركة بحمل همّ قد لا يكونوا مسؤولين عنه في اللحظة الحاليّة، بينما المطلوب من الموالاة "تخفيض" السقف السياسي قليلاً، والإقتناع بأنه لا يمكن التفرّد بحكم لبنان.

يعلم رئيس المجلس النيابي، بحسب المصادر، صعوبة إقناع المعارضين بتحمل المسؤولية إلى جانب من هم في السلطة، لأنّ ممارسات هذه السلطة مؤخرا ساهمت "بتكسير" المعارضين، ولكن بالنسبة إليه فإن أمراً مهماً لا بديل عنه يجب أن يتحقق اليوم، وهو موضوع المصالحات التي تؤدي إلى "الثقة"، بين الدولة والمواطنين، فطالما الثقة معدومة سيستمر المواطنون بشراء الدولار، لتخزينه بالمنازل، وبالتالي لإعادة تسيير عجلة الاقتصاد لا بد من خلق جوّ سياسي ملائم، يساهم بتشجيعهم على استثمار الأموال مجدداً، وطالما الثقة معدومة لن يحصل لبنان على أيّ مساعدة خارجية.

رفع بري شعار الصمود بوجه الهجمة الخارجية، فالاستسلام لا يقدم الفائدة إلى لبنان، ولأجل الصمود لا بد من البحث عن المقوّمات التي تعززه، وأبرزها الحوار وتدوير الزوايا وتخفيف الاحتقان، بانتظار ما سيأتي من نتائج مع صندوق النقد الدولي، علماً أن أجواء رئيس المجلس تؤكد أن الصندوق لن يقدّم إلى لبنان مبالغ كبيرة.

في الختام، تشير المصادر إلى أنّ حكم لبنان من فريق واحد يعني الانهيار، ولا شكّ أن الفتن المذهبيّة التي عصفت بالبلد منذ أيام دقّت ناقوس الخطر، وبالتالي لا مجال سوى للتفاهم، من هنا سيحاول بري خلال اليومين المقبلين، بكل قوته، أن يُقنع المدعوّين بالحضور إلى جلسة اللقاء الوطني في بعبدا، الى جانب الجهد الكبير الذي سيحاول رئيس الجمهورية بذله لإنجاح اللقاء، لأنّ استمرار التشرذم لا يقدّم سوى المزيد من التدهور على الساحة اللبنانيّة، وإصلاح ذات البين، شرط للصمود في لبنان.