اعتبر المفتي الجعفري الممتاز ​الشيخ أحمد قبلان​ في رسالة الجمعة أن "​لبنان​ يمر بمرحلة صعبة ومصيرية ويواجه تحديات كبرى في ظل صراعات وانقسامات طائفية ومذهبية، لا يمكن أن تتوقف عند حدود طالما الرهانات كثيرة والانتماءات عديدة، وقد تنفجر الأوضاع في أي لحظة لأن ما يشهده ​اللبنانيون​ من احتقانات سياسية واقتصادية ومالية ومصيرية أمر خطير وكبير جداً"، مشددا على أنه "لا يمكن مواجهته إلا بالتهدئة واعتماد الخطاب الوطني والعقلائي والتبصّر ملياً في اتخاذ الخطوات والإجراءات العملية التي تؤمّن الحد الأدنى من الوعي والرصانة السياسية والاتزان الوطني وإلا فنحن ذاهبون إلى ورطة وطنية لا تبقي ولا تذر".

وأكد أن "اللعب بمصير الوطن أمر مرفوض وغير مقبول، فالوطن أمانة والتفريط فيها غير جائز، وغير مسموح به لأي كان مهما كانت الاعتبارات وبلغ حجم المصالح، لأن المصلحة الوطنية تبقى فوق كل الحسابات ولا يوازيها أية مقاربات أو اجتهادات"، مشيرا الى أن "الحوار المعقلن والواقعي بين اللبنانيين هو المسار الوحيد والصحيح الذي يؤمّن التلاقي والتوافق وما دونه يعني أننا ذاهبون إلى ما لا تحمد عقباه".

وأعرب قبلان عن أمله بأن "يكون اللقاء في ​بعبدا​ الذي يسعى إليه ​رئيس الجمهورية​ ​ميشال عون​ ورئيس ​مجلس النواب​ ​نبيه بري​ في 25 حزيران محطة وطنية مفصلية وحدثاً تاريخياً يتقرر في خلاله ما يمكن أن يضع البلد على سكة الحلول والخيار السليم الذي ينقذ لبنان ويؤسس لقيام دولة فعلية، طالما عانى اللبنانيون من غيابها وغيبوبتها"، مذحرا من "استمرار السياسات العشوائية والغوغائية والخطابات التحريضية والاستفزازية، في وقت يشهد اللبنانيون أوضاعاً معيشية واقتصادية ومالية صعبة، وتوترات أمنية وفلتاناً بالأسعار وفوضى وتلاعباً بصرف ​سعر الدولار​، ما يستدعي بذل قصارى الجهود وتكثيف التعاون من أجل التوصل إلى حلول عملية لهذا الواقع المالي والنقدي المتدهور، والذي لم يعد يطاق، كما لا يجوز أن تستمر وتيرة المناكفات والمشاحنات على هذا النحو من الكيد والحدية واصطناع الفتن، لأن في ذلك أثماناً كارثية سيدفعها اللبنانيون وستكون على حساب الهوية والكيان".

وطالب "كل القيادات والمرجعيات وقف لعبة التدمير الذاتي للبنان واللبنانيين، والتطلع بصدق إلى ما يجمع اللبنانيين لا إلى ما يفرقهم، لأن خلاص البلد لا يتم ولن يتحقق إلا بالوحدة وبذل التضحيات وتقديم التنازلات التي وحدها تنقذ لبنان وتحافظ على كينونته وطناً حاضناً ونهائياً لجميع أبنائه، بعيداً عن كل مشاريع التجزئة والتقسيم و​التوطين​"، داعيا "​الحكومة​ و​القوى الوطنية​ الى تزخيم دور ​الدولة​ الاجتماعي، وإنقاذ ناسها والاندفاع نحو الاستيراد المباشر والعمل على ​الاقتصاد​ الوطني الموازي، خاصة ​الزراعة​ و​الصناعة​ الممكنة عبر الجمعيات والكيانات والأشخاص والقوى الوطنية، فضلاً عن دور الدولة المباشر لاستيراد المواد الأولوية والأساسية، لأن القضية قضية إنقاذ بلد ووطن وشعب، في مواجهة ​سياسة​ تريد تغييرنا، تريد تجويع لبنان لتغيير وظيفته السياسية، ولتحويله إلى وظيفة إسرائيلية وبلا هوية أو قدرة ذاتية، وعلى طريقة قوانين العقاب بالمفرّق".

وأشار إلى أن "ما نعاني منه اليوم بسبب هيمنة ​واشنطن​ التي تصرّ على ​تحقيق​ مصالحها وأولوياتها اللاإنسانية ولو على حساب وطريقة إبادة شعوب وأمم بأكملها، بخلفية خصومات سياسية أو مصالح اقتصادية لها تقع ما وراء المحيطات".