تسجّل نقطة مهمة لنادي رؤساء الحكومة السابقين في مرمى ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​، في اطار التوتّر القائم بين الطرفين منذ ان اعلن النائب ​سعد الحريري​ انضمامه الى هذا النادي بعد ان قراره قطع الحبال مع عون و"​التيار الوطني الحر​". الهدف الذي تم تسجيله يتمثل بموقف اعلنه رئيس الحكومة السابق ​فؤاد السنيورة​ وقضى بعدم تلبية دعوة عون الى حوار يوم الخميس.

يعتبر البعض ان رئيس الجمهورية اخطأ بدعوة اعضاء هذا النادي، ولكن آخرين يرون انه لم يكن هناك من مجال لعدم دعوتهم والا اتّهم موقع الرئاسة بالتحيّز وبـ"تهميش" شريحة من اللبنانيين. استغلّ الاعضاء الاربعة هذه الميزة، واحسنوا استثمارها، وبعد ان كانوا بالفعل مهمّشين سياسياً، استعادوا بريقهم وظهروا وكأنهم ركن اساسي في صناعة القرارات، وان البلد لا يسير من دونهم، والاهم انهم بثوا رسالة مفادها ان تهميشهم هذا مردّه الى معارضتهم ​سياسة​ العهد والحكومة، وانهم يدفعون الثمن عبر "استهدافهم" سياسياً. في الواقع، قد يكون عون قد ساهم من حيث لا يدري في "تعويم" هذا النادي واعضاؤه، فمن منهم لا يملك مشاكل خاصة به منعته من الاستمرار الناجح في النشاط السياسي. فالسنيورة قد ارتبط اسمه في اذهان اللبنانيين ب​المال​ وملاحقته لجيوب المواطنين، اضافة الى دفاعه الدائم عن نفسه في وجه اتهامات متواصلة تطاله في قضايا هدر المال العام، ناهيك عن مشاكله ضمن ​تيار المستقبل​ الذي ينتمي اليه والتي منعته من الوصول الى قبة البرلمان من جديد.

اما رئيس الحكومة السابق ​تمام سلام​، فهو وان تخلّص من تهم الهدر وملاحقة اموال المواطنين، الا انه لا يملك فعلياً حيثية شعبية وسياسية، وهو الذي كان "مضطهداً" من ​آل الحريري​ في ​الانتخابات​ ولولا المصالحة التي جرت مع الرئيس الحالي لتيار المستقبل، لما كان ضمن الحسابات السياسية لاي فريق، وقد خاض تجربة مماثلة ابّان الخلافات مع ​بيت الوسط​.

وفي ما خص زميلهما في النادي ​نجيب ميقاتي​، فهو ايضاَ يملك ما يكفيه من المشاكل ان في ​طرابلس​ او خارجها، وهو كان متهماً سابقاً من قبل اعضاء هذا النادي بأنه "ينصاع" لرغبة ​حزب الله​ حين تولى ​رئاسة الحكومة​.

ولا يمكن اغفال المنتسب الجديد الى النادي ايّ الحريري، والذي كان خارج اطار العضوية بسبب "تناغمه واتفاقه" مع رئيس الجمهورية، وما ان تخلى عن هذه النقطة، حتى عاد الى "نعيم" النادي لانه على ما يبدو فإن القاسم المشترك للاعضاء الاربعة هو معارضتهم لعون اولاً وللنائب ​جبران باسيل​ ثانياً. وفي ما خص المشاكل التي يواجهها الحريري فهي كثيرة، وقد بدأت بكونه احد المسؤولين الاساسيين عن الحال التي وصلت اليها البلاد حالياً، وكان مُطالباً من قبل ​الحراك الشعبي​ بالتنحّي لانهم اعتبروه ضالعاً في هيكليّة لا يريدون ان تبقى قائمة. ولكنه يرى ان استقالته محت كل ما سبق، وفتحت له صفحة جديدة مع الناس، وان معارضته لعون ولرئيس الحكومة الحالي ​حسان دياب​ هي المفتاح الى قلوب المواطنين. قد يكون هذا التفكير صحيحاً، ولكنه لا يستند الى ارضيّة صلبة، بدليل انه ما ان تم ذكر اسم ​بهاء الحريري​، حتى اهتزّ هيكل بيت الوسط، ولو لم يتم تدارك الامر لكان سقط على من فيه.

لم يقنع البيان الصادر عن اعضاء النادي والذي تلاه السنيورة في اعتبارهم من مصاف "القدّيسين" المنزّهين عن كل مصيبة عرفها لبنان، وعلى الرغم من انهم محقّون في اعتبار العهد والحكومة مسؤولان عن ايجاد مخرج للازمة التي يعاني منها لبنان، غير انه لا يمكن تبرئتهم من خطأ عدم المشاركة في لقاء مخصص لتحصين السلم الاهلي ومنع الفتنة التي دقّت ابواب لبنان بجدّية في الاسابيع الماضية، ولا علاقة له ب​الوضع الاقتصادي​ والمالي. لقد سبق للنادي ان قاطع الحوار الذي عقد في ​بعبدا​ والذي خصص لهذا الامر، وكان خيارهم مفهوماً لدى البعض، فيما اعتبر آخرون انه كان يجب عليهم التمثل برئيس ​القوات اللبنانية​ ​سمير جعجع​ الذي شارك وأدلى بدلوه من الانتقادات والمآخذ بعدها.

اما عدم المشاركة في لقاء لإبعاد شبح حرب أهلية عن لبنان، فهذا ما لا يمكن تفهّمه من القريبين والبعيدين على حد سواء، وكل من قاطع هذه الدعوة، عليه ان يتحمل مسؤولية اتهامه في ما اذا تدهورت الامور، لا سمح الله، بالمشاركة في مخطّط تدمير لبنان عبر الاقتتال بين ابنائه، لانّ كل طرف من الاطراف المدعوّة له عدد من المؤيدين والمحازبين الذين يفضّلونه على البلد، وفي حين انّ القرار الخارجي لا يزال حتى ​الساعة​، يمنع حصول الحرب في لبنان، فإن الوقوع في خطأ كبير هو على عاتق اللاعبين اللبنانيين، وعندها سيكون من المستحيل اصدار صك البراءة للمعنيين.