شدد رئيس الحكومة الأسبق ​فؤاد السنيورة​ على أنّ "سلوك الأداء الصح، يجنبّنا الانهيار. ويلخّص هذا الأداء بالعودة إلى الأصول، أي إلى ​الدستور​ والقوانين وإلى الدولة"، معتبرا أنّ "ما وصلنا إليه ينطبق عليه المثل القائل: هذا ما جَنيته على نفسي وليس ما جناه عليّ الآخرون".

ووصف السنيورة، في حديث لصحيفة "الجمهورية" الوضع اليوم "كمَن يخالف ​قانون السير​ ويقود سيارته على اليسار فيما الوجهة المخصصة للسير هي من ناحية اليمين. وبالتالي، ​السلطة​ اليوم تسير عكس سير السياسات الطبيعية"، محذرا من "اننا قادمون إلى كارثة، واذا لم نسلك الطريق الصحيح لتفادي الانهيار، أي احترام الدستور والقوانين، واحترام الدولة. فالدولة ليست مزرعة للأحزاب السياسية والطائفية. كما احترام الشرعيات الثلاث: الشرعية الوطنية ال​لبنان​ية، والشرعية العربية، والشرعية الدولية".

وأشار الى أنه "في الـ2006، ألزمتُ حكومتي باعتماد معيار الكفاءة والجدارة والنزاهة والتنافسية، فلماذا لا تُعتمد هذه المعايير اليوم لتفادي الأسوأ؟ نحن اليوم في أول طريق الكارثة، يجب ان ندرك وان نفهم حجم الكارثة، والتوقف عن إلقاء اللوم على الآخرين. من هنا، لا خلاص إلا من خلال العودة إلى المبادئ الأساسية"، مؤكدا أنه "عندما ننادي بالإصلاحات، لا يعني أنّ أحداً يريد فتح حرب على "​حزب الله​"، ليس هذا المطلوب. فالسلطات الحاكمة لم تستطع أن تسير ب​سياسة النأي بالنفس​ لحماية لبنان بسبب "حزب الله"، فهل تستطيع أن تحاربه؟ لكن كل المطلوب السير في الطريق التي تنقذ البلد".

وسأل: "لماذا لا تتم ​التشكيلات القضائية​ كما أوردها ​مجلس القضاء الأعلى​؟ ولماذا لم ننته بعد من حكاية ملف ​الكهرباء​؟ وهل بهذه الطريقة المذلّة والمهينة تُقرّ ​التعيينات​؟ أفهم أنّ هناك أموراً لا نملك التأثير فيها، لكن الأكيد أن لدى من يحكمون، إذا أرادوا وتغيرت الذهنية والأداء، القدرة على ​تحقيق​ الاصلاح في ملفات كثيرة تؤدي فرجاً وراحة على ​الشعب اللبناني​"، مبينا أن "المشكلة ليست بشكل الحكومة ونوعيتها، فقد سبقت ​حكومة حسان دياب​ حكومة وحدة وطنية، لم تحل المشكلات، لأنّ الاستنزاف للدولة ومقدراتها استمر بسبب سوء الأداء. لذلك، إذا لم نشهد تغييراً في الممارسة والأداء، واذا لم تكن هناك إرادة قوية في العودة إلى احترام الدستور والقوانين والتأكيد على دور الدولة وسلطتها، وتفهم دور لبنان وموقعه وقدرته على التحمّل، فما من أحد قادر على حل المشكلات أكان بحكومة وحدة وطنية أو بغيرها".

وشدد السنيورة على أنّ "​العالم​ لديه مشاكل كبيرة ولم يعد يحتمل دلعنا. فهل يجوز مثلاً الاختلاف على الأرقام بين الحكومة و​مصرف لبنان​ امام ​صندوق النقد​ الدولي؟ هذا التصرف أقل ما يمكن وصفه أنه نموذج كبير حول قصور ​الحكومة اللبنانية​ وتقصيرها، التي كان يفترض ان تنهي أيّ اختلاف في الأرقام قبل بدء المفاوضات مع صندوق النقد. لذلك، من يستطيع أن يقنع الناس اليوم بالأرقام الصحيحة؟. ناهيك عن أنّ الخطة الاقتصادية التي وضعت لا تتلاءم مع ​الأزمة​ الاقتصادية وكيفية إعادة الثقة التي هي الأساس، واذا لم نستعد هذه الثقة لن يعمل اقتصادنا مجدداً".

وأكد أن "الأداء اليوم يوصلنا إلى الانهيار ونحن اليوم قبل الارتطام الكبير. من هنا، يمكن فهم قرار عدم المشاركة في لقاء ​بعبدا​. هو قرار اعتراضي على العقلية السائدة، فمِن الجنون أن تعتمد ذات الأسلوب وتتوقّع نتائج مختلفة. وبالتالي، على رئيسي الجمهورية والحكومة أن يدركا انّ الطريق مسدود ولا تؤدي إلى نتائج بل الى مزيد من التردي، وبالتالي الى الانهيار الكامل في لبنان. إنّ الأسلوب الكيدي والانتقامي وعدم القيام بالإصلاحات لا يمكن ان يُحققا نتائج إيجابية".

امّا في ما خَص "حزب الله"، قال: "هو يتكرّم عليهم بـ"فُتات". يعطي فلاناً هذه ال​وزارة​ وآخر وزارة أخرى، وهو يملك السلطة في يده. لكن عليه أن يدرك أنّ الاستمرار في الإطباق على لبنان لن يؤدي أبداً إلى إعادة الاستقرار الى البلد، الأمر الذي يمنع استعادة الثقة العربية لدى المجتمعين العربي والدولي، كما استعادة الثقة ب​الدولة اللبنانية​ واالاقتصاد وباالمالية العامة وباالليرة اللبنانية. المشكلة اليوم هي عند الجميع".