يبدو انّ "المفاجأة" المدوّية التي فجّرتها حركة "أنصار الله" اليمنيّة في وجه المحور المعادي، عبر عمليّة "توازن الرّدع الرابعة" التي نفّذتها بالعمق السعودي واستمرّت لساعات بدءا من ليل الإثنين الفائت حتى صباح الثلاثاء، وشملت استهداف وزارة الدّفاع السعودية ومقرّ الإستخبارات وقاعدة سلمان الجوّية، اضافة الى مواقع عسكريّة هامة في ​جيزان​ و​نجران​.. ليست سوى البداية في خضمّ حرب "التجويع" التي اعلنتها ​الولايات المتحدة​ ضدّ سورية وحلفائها، لتفتتح هذه العمليّة برسائلها النّاريّة وبتوقيتها، المرحلة ​الجديدة​ التي حدّدها محور ​المقاومة​ على لسان الأمين العام ل​حزب الله​ السيّد ​حسن نصرالله​ في اطلالته الأخيرة، سيّما انّ حركة "​انصار الله​"، آثرت تمرير ضرباتها غير المسبوقة في مرمى المحور المعادي، برزمة ضخمة من الصّواريخ الباليستيّة والمجنّحة "قدس" و"ذو الفقار" والطائرات المسيّرة، في مؤشّر واضح على انّ مواجهة الحرب الجديدة ستكون مختلفة، وسط تواتر معلومات غير اعتياديّة نُقلت عن لسان احد قادة الحركة اليمنيّة، تفيد بأنّ المبادرة الى استهداف منشآت ومقار عسكريّة " ​اسرائيل​يّة" التي اعلنت "انصار الله" العام لفائت، عزم البدء بتنفيذها " إذا اتُخذ القرار في ​القيادة​"..لم تعد بعيدة، ولن تكون خارج مفاجآت المرحلة المقبلة!

لم توجّه حركة "انصار الله"-أحد اركان محور المقاومة، رسائل عمليّتها النوعية للسعودية وحدها بالطبع، بل لرعاتها ​واشنطن​ و​تل ابيب​.. الا انّ اهميّة العمليّة الجديدة تكمن في "توقيت" استهداف ​وزارة الدفاع السعودية​ ومقرّ الإستخبارات وبقيّة الأهداف العسكرية الأخرى.. في وقت كان رئيس ​الموساد​ "الإسرائيلي" يقوم بزيارة سرّية الى المملكة من ضمن جولة له على عواصم دول عربيّة اخرى. واللافت، انّ تنفيذ "توازن الرّدع الرابعة" بعُدّة هجوميّة شاملة ونوعيّة غير مسبوقة، تزامن مع "تمرير" الإعلام الحربي التابع لحزب الله، رسائل لا تقلّ حدّة باتجاه تل ابيب، في مضمون الفيديو الذي حمل عنوان "أُنجز الأمر"، وتضمّن مشاهد عن احداثيّات لمواقع عسكريّة "اسرائيليّة" هامة في عمق الأراضي الفسطينيّة المحتلّة، أُرفقت بمقطع صوتي من خطاب الأمين العام لحزب الله متوّجا بعبارة "مهما فعلت في قطع الطريق، لقد انتهى الأمر وأُنجز الأمر".

سريعا بادرت تل ابيب الى اعلاء وتيرة رسائلها الجويّة عبر تسديد غارات صاروخية صوب اهداف عسكرية سورية في وسط سورية، بشكل موسّع هذه المرّة، عقب ساعات فقط من شنّ غارات مماثلة على مشارف ​السويداء​.. "اسرائيل" التي ترصد بدقّة ما يجري على ضفّة محور المقاومة، خصوصا بعد التحذيرات الناريّة على لسان السيّد حسن نصرالله، وقرأت جيّدا "رسائل" حركة انصار الله الأخيرة "الى من يعنيهم الأمر"، تدرك حتميّة المواجهة القادمة مع كلّ اركان المحور مجتمعين، وتتوجّس من جهوزيّة باتت تتهدّدها من سورية اكثر من ايّ وقت مضى.. وعليه، جاء تحذير ​اللواء​ احتياط في الجيش "الإسرائيلي" غيرشون هاكوهين خلال منتدى اقامه اللواء اسحاق بريك منذ شهور وضمّ ضباطا كبارا سابقين.. حين قال" إنّ ​الجيش السوري​ يبني نفسه بوتيرة حثيثة وسريعة للغاية".. وهاكوهين نفسه، سبق وحذّر ايضا من اعادة سورية هيكلة نفسها وبقوة في محور المقاومة.. قائلا " هذا يمثّل تحدّيا وجوديّا لنا ويتضمّن خطرا شاملا على "اسرائيل" بأبعاد حربيّة استراتيجيّة غير مسبوقة"!

وربطا بالأمر، اعتبر الكاتب ​البريطاني​ مارك كورتيس انّ الهدف من وراء الغارات "الإسرائيلية" شبه المتكررة على ​الاراضي السورية​، هو "استثارة" ردّ منظومات صاروخية تقول تل ابيب إنّ دمشق حصلت عليها من حلفائها ​روسيا​ وايران خلال الحرب، وتعتزم تدمير وإبعاد خطر هذه ​الصواريخ​ عن "اسرائيل" قبل بدء "المواجهة الكبرى" حيث ترى الأخيرة انها باتت اقرب من ايّ وقت مضى.. هذا قبل ان تتسلّم سورية من حليفها الرّوسي، دفعة طائرات "ميغ29" المحدّثة التي زادت من قلق وارباك قادة تل ابيب.

هي الطائرات نفسها التي استوقفت وسائل اعلام عبريّة، محذّرة من انّ مهمّتها في هذا التوقيت تحديدا، ترتبط بشكل وثيق بمقاتلات "اف 16 الإسرائيلية" التي تتولّى في اغلب الأحيان شنّ الضربات على ​الأراضي السورية​.. الا انّ القناة الثانية العبرية، حذّرت من ان يكون هذا التوقيت قد بات وشيكا، "ومن ضمن الخيارات الخطيرة "للمحور المقابل" بعد دخول قانون ​العقوبات الأميركية​ "قيصر" على سورية حيّز التنفيذ وتهديد حلفائها بشكل غير مسبوق.

لربما أصابت القناة العبريّة بتحذيرها في وقت بات تموضع محور المقاومة مختلفا عن المرحلة السابقة.. ثمّة معلومات نُقلت عن مصدر صُنّف ب "الموثوق" في وكالة "​سبوتنيك​" الرّوسية، أفادت انّ القيادة الرّوسية تبلّغت قرارا هاما "من أصدقاء لها في المنطقة"، تضمّن وجوب الإستعداد ل"مفاجأة كبرى" في المنطقة..-دون الدخول في التفاصيل.