اعتبر المفتي الجعفري الممتاز سماحة ​الشيخ أحمد قبلان​ في رسالة الجمعة لهذا الأسبوع "أن البلد وناسه يعيشون كارثة اجتماعية هائلة وسط عاصفة دولية إقليمية هادفة إلى معاقبة ​لبنان​ كمشروع سياسي على طريقة تجويعه وخنقه من خلال حرب ​الدولار​ والأسعار والمواد الأولية، مما يفرض علينا كدولة وكلبنانيين تطبيق شعار (جاهدوا في الله حق جهاده) وإعلانها معركة شعب وبلد ووظيفة سلطة وكيان اجتماعي وعائلة واحدة في وجه حيتان الفساد و​المال​ و​الاقتصاد​ والتجارة، وثورة إصلاحات داخلية شاملة، لإنقاذ بلدنا من المافيات السياسية والمالية وتجار الاحتكار والاستغلال، بعيداً عن بازار الطائفية والالتزامات القذرة، وبخاصة مع هذا الغرب الذي يتعامل معنا كعبيد ويمنّينا بالوعود الكاذبة والمخادعة وبخلفيات سياسية، وصفقات توطينية"... لافتاً إلى أننا "وسط محاولات إنقاذ البلد و​محاربة الفساد​، ينبغي ألا يكون هناك خطوط حمراء، وأن ننتزع الخوف من دواخلنا، وأن نتجاوز كل المحظورات والمحاذير الأمريكية وغيرها، لأنه لم يعد هناك مجال للارتزاق ولا للاستجداء عبر ​صندوق النقد الدولي​، بل لا للحمايات المالية التي تفرضها ​واشنطن​ على دويلات المال وال​سياسة​ التي نهبت البلد ودفعته إلى القعر".

وأكّد "ضرورة عدم الخوف من الاندفاع نحو الشرق أو أي جهة أخرى يمكن أن تخدم مصلحة بلدنا وشعبنا، كما يجب أن نخرج من هذا ​السجن​ الأمريكي الصهيوني. وعلى هذه ​الحكومة​ أن تتخذ هذا القرار وتبادر سريعاً، وإلا فإنها تساهم بدمار البلد وأخذه إلى الانهيار الشامل. من هنا أقول للبنانيين جميعاً: إننا أمام حرب شعواء، حرب بلا جيوش، حرب مالية واقتصادية واستنزافية، تقودها أمريكا ومعها حلفاؤها في الغرب، ووكلاؤها في المنطقة لخنقنا ولتجويعنا ولتدمير بلدنا، لا فرق بين مسلم و​مسيحي​، حرب ضروس لا يمكن مواجهتها بالانقسام ولا بالمكايدة ولا بصراع المصالح ولا بالشهوات السلطوية، بل بالوقوف معاً وبتجاوز كل الخلافات، وبالخطاب الوطني الذي يوحّد الجميع في هذه المرحلة المصيرية التي لن تقف عند حدود الإفقار والتجويع، بل ستتعداها لتصل إلى ضرب الكيان وإلغاء ​الهوية اللبنانية​. لذا على الجميع أن يفهم أن ترف الوقت غير موجود، وأن التسويفات مدمرة، والمواقف المستفزة والموتورة والمشبوهة تخدم المشروع الأمريكي الصهيوني، وتأخذنا إلى فتنة لا تبقي بلداً ولا شعباً، فلنحذر، ولنكن على تأهب تام للتلاقي والوقوف إلى جانب هذه الحكومة كيفما كانت، لأن الخيارات قليلة، والفراغ يعني الفوضى والدخول في المجهول".

واعتبر المفتي قبلان "أن ما شهدناه في اجتماع ​بعبدا​ (بغض النظر عن الاختلاف في التوجهات) من مقاطعة وعدم تلبية لدعوة ​رئيس الجمهورية​ في مرحلة تكاد تكون الأخطر في ​تاريخ لبنان​ واللبنانيين يؤشّر إلى مشكل كبير في البلد، ولا يوحي بأن هناك في البلد من يتحسس الخطر ويشعر بالمسؤولية الوطنية التي إذا لم تتوفر الآن وفي هذا الظرف بالذات فمتى يكون المسؤول مسؤولاً؟ ورجل ​الدولة​ رجل دولة؟ وماذا سيكتب التاريخ؟ سيكتب إما أن الصيغة ساقطة أو أن الحاكمين ساقطون تخلوا عن مسؤولياتهم وعن خدمة شعبهم وتاجروا ببلدهم من أجل مناصب سرابية ومكاسب بخسة لمشاريع خارجية مشبوهة؟"

وتوجه بالكلام إلى "أهلنا المسيحيين والمسلمين" قائلاً:"اعلموا أن ​الدين​ بريء من فسادهم وإفسادهم، فأعباؤنا أعباء عائلة واحدة، وهمنا هم واحد، نحن معكم، بيوتنا لكم، رغيفنا واحد، مصيرنا واحد، حياتنا مشتركة، بل يجب أن نكون معاً بلقمة العيش وبأثمان ​الحياة​ وبظروف البلاد وبأكلاف الصمود، بالتوجه الإنقاذي الواحد يجب أن نتساعد، وأن نعلن نفيراً وطنياً للعيش المشترك وشراكة الأعباء، فلنواجه معاً حيتان ​السياسة​ والأسواق والأسعار وصرف الدولار كي نمنعهم من خنق البلد والناس والتحكم بمصير الوطن".