بعد اغتيال قائد قوة ​القدس​ ​قاسم سليماني​ في ​العراق​، ارتفعت وتيرة الهجمات العراقية على ​السفارة الاميركية​ في ​بغداد​، مترافقة مع وضع سياسي سيء مرّ به هذا البلد، الذي دخل في مرحلة تغيير حكومي، انتجت ​مصطفى الكاظمي​، رئيسا للحكومة في أيار الفائت، ضمن رضى أميركي أكثر من ​إيران​ي، برز من خلال مواقف الطرفين المهنئة والمؤيدة للكاظمي.

بعد ​تشكيل الحكومة​، انطلق الحوار الأميركي العراقي الاستراتيجي، الذي كان بداية اختلاف وجهات النظر بين رئيس الحكومة والقوى الشيعية الحليفة لإيران، اذ أرادت تلك القوى أن ينتج عن الحوار موعدا حاسما لخروج ​القوات​ الأميركية من العراق، بالإضافة الى معاداة ​الولايات المتحدة​، بينما أراد رئيس الحكومة "وقف الحروب، وتوقف العراق عن كونه ساحة للصراعات، على أن ينفتح على ​العالم​ أجمع، لمنع ​الإنهيار الإقتصادي​.

شكّل الحوار الأميركي العراقي نقطة تحول، فبعد التزام ​الولايات المتحدة الأميركية​ بتقليص أعداد جنودها، التزمت ​الحكومة العراقية​ بحماية الجنود الأميركيين الموجودين لديها لحين خروجهم منه، ولذلك بدأت قوات ​مكافحة الإرهاب​ التابعة للجيش العراقي فجر يوم الجمعة الماضي حملة ​اعتقالات​ واسعة طالت عددا من عناصر كتائب "حزب الله" العراقي، وصادرت منصات ​صواريخ​، فردّت ب​مداهمة​ أحد مقرّات جهاز مكافحة الإرهاب في المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد.

تهاجم القوى الشيعية العراقية حكومة الكاظمي، اذ ترى بحسب الإعلامية العراقية أصيل السعداوي، أن ما تقوم به الحكومة يشكل سابقة لم تحصل قبل، في العلاقة بينها و​الحشد الشعبي​، كاشفة أن احد أبرز الشروط الاميركية للقبول بالكاظمي كان "تخفيف العمليات العسكرية للحشد، وتفكيك ألوية وفصائل، تملك إتصالا مباشرَ بإيران و​سوريا​ و​لبنان​".

وتضيف في حديث لـ"النشرة": "الأميركي يرى بهذه الفصائل خطرا، وفي الداخل العراقي يمكن القول أن هذه الفصائل صارت أقوى من القوى العسكرية العراقية، ولا تأتمر بأوامر القائد العام للقوات المسلحة، وقرار عملياتها العسكرية داخل وخارج العراق لا يحتاج لإذن مسبق، وهذا ما لم تتمكن الحكومات السابقة من تغييره"، مشيرة الى أن أفعال الحكومة ولّدت ردود أفعال قاسية من الاوساط الشيعيّة السياسية لان ضعف الحشد يعني ضعف الاحزاب المتعلقة به.

وضعت القوى الشيعية الكاظمي امام اختبار حقيقي هو زيارته الى ​واشنطن​ خلال الشهر الجاري، اذ تطلب الأولى بحسب السعداوي، من الثاني إشراكها بقوّة في الوفد، وتنتظر منه الدفع بقوة باتجاه تفعيل قانون إخراج القوات الاميركية من العراق، والدفاع عن الحشد الشعبي أمام المحافل الأميركية، مشددة على أنه بحال لم يقم رئيس الحكومة العراقية بهذا الأمر فستتجه القوى الشيعية الى التصعيد السياسي بوجهه.

إن هذا التصعيد قد لا يبقى سياسيا، اذ كان ل​قيس الخزعلي​ كلاما واضحا بأنه لن يتوانى عن استعمال القوة العسكرية للحفاظ على الحشد الشعبي وقوته، وبالتالي قد تتجه فصائله للتصدي لحكومة الكاظمي، ما قد يدفع العراق نحو حمام دمّ جديد.

اذا، ستحدد زيارة رئيس الحكومة العراقي الى واشنطن مصير حكومته، فهل تكون الزيارة مدخلا لحرب شعواء بوجهها، أم مقدمة لتبريد الأجواء؟.