أكد الوزير السابق ​فادي عبود​ أنه "بدأ قبل أربعة أشهر بإقناع المسؤولين بأنه إذا اقتصرت إجراءات الدّعم على بعض المواد الأساسية، كالحليب مثلاً، ليتمكّن المواطن من الحصول على علبة لبنة على سبيل المثال بسعر مقبول، فإن ذلك وحده لن يكون كافياً لضبط الأسعار، لأن اللّبنة تحتاج الى وضعها في علبة، ولن يشتريها المواطن كما هي وينقلها في جيبه. ولكن الوزراء لم يقتنعوا بواقع أن مواد توضيب الطعام ليست منفصلة عن مواد تصنيعه، وبأن أسعار المنتجات والسّلع تتأثّر بمجموع هذا كلّه".

ولفت عبود، في حديث لوكالة "أخبار اليوم"، إلى أن "الثغرات نفسها تحكّمت بالتعاطي مع ​فيروس كورونا​ خلال فترة التعبئة العامة، حيث سُمِح لمصانع الأكل بأن تكون مستثناة من التعبئة، فيما مُنِعَت المصانع التي تُنتج كل مستلزمات توضيب الأكل من فتح أبوابها"، موضحاً أنه "ننتظر الآن المنصّة التي حُكِيَ عنها لدعم لوازم الصّناعات الغذائية. والحلّ يكمُن في دعم لوازم توضيب المأكولات مثل دعم مواد صناعتها بحدّ ذاتها. وبالتالي، نحن ننتظر الآن الدّعم الذي سيتأمّن من خلال تلك المنصّة، لأنّه سيساعد في السيطرة على أسعار السّلَع".

وردّاً على سؤال حول خطورة دخول الصناعة في دائرة السوق السوداء للدّولار، وتأثير ذلك على الأسعار في المحال والمتاجر، وحتى على الاقتصاد عموماً، أكد عبود أن "هذه مصيبة. فنحن ما عاد بإمكاننا أن نصنّع ونربح على أساس سعر دولار 1515، فيما سعر الدّولار في السّوق السوداء بات مرتفعاً جدّاً، دون أن نتمكّن من أن نصنّع ونربح أيضاً على أساس سعره في السوق السوداء. وحتى إن متاجر كبيرة ومشهورة تُقفِل أبوابها لهذا السّبب".

كما اعتبر أن "وزراء الحكومة، وكلّ المستشارين الذين يساعدونهم، لا علاقة لهم بالاقتصاد العملي وبعالم الأعمال. وهو ما أدّى الى اتّخاذ قرارات وإجراءات غريبة. فعلى سبيل المثال، جعلوا النّاس تنتظر بالصفّ لدى الصرّافين، لتحصل على كميّة بسيطة من ​الدولار​ات، بدلاً من أن يضعوا آلية للحصول على الدولار من خلال ​المصارف​، أوتوماتيكياً، بالإضافة الى غيرها من الخطوات الغريبة".

وشدد عبود على "أنهم يُدركون تماماً أن الرشاوى في ​لبنان​ صارت أضعاف ما كانت عليه في السابق، انطلاقاً من تدهور اللّيرة اللّبنانية، والتلاعُب الكبير بسعر الدّولار. فهذا الوضع زاد من الرشاوى، حتى إن لا إمكانية للحصول على رخصة دون دفع رشوة"، منوهاً بأنه "لا إصلاحات على الصعد الكبيرة، ولا حتى على الصّعد الصغيرة، بموازاة تخبّط وزاري على مستوى الوزراء والمستشارين معاً، أصحاب التفكير بمنهجيّة الإقتصاد الإفتراضي، بدلاً من الانصراف الى الطرق العملية والواقعية في ما يتعلّق بالشؤون الإقتصادية".

وأكد كذلك على "أنّنا لا نطالب بأن تكون الحكومة كلّها من ​رجال الأعمال​، فهذا لا يجوز. ولكن يتوجّب مقاربة الأمور بواقعية إقتصادية، لأنّنا نقترب من مواجهة الجوع". وأشار إلى أن "مصر مرّت بظروف إقتصادية صعبة مثلنا، و​تركيا​ أيضاً في أوقات سابقة، ولكنهما اتخذتا الكثير من الإجراءات. وأما في لبنان، تنهار اللّيرة، فيما يغيب أي إجراء عقلاني وواقعي، حتى إن المسؤولين لا يتفاعلون مع الأفكار والطروحات التي تُقدَّم لهم لإصلاح الوضع".