شكلت زيارة سفير دولة ​فلسطين​ في لبنان اشرف دبور، الى مكتب حركة "حماس" في بيروت ولقاء ممثل الحركة في لبنان أحمد عبد الهادي، حدثا بارزا بحد ذاته، فالخطوة ليست فقط الاولى من نوعها، بل خرقت مشهد العلاقات الثنائية التي تميزت منذ سنوات بـ"الفتور" حينا وبـ"القطعية" أحيانا، واكتسبت أهمية خاصة كونها المرة الاولى الذي يزور السفير دبور مكتب حركة "حماس" في بيروت، بعدما جرت العادة ان تعقد اللقاءات الثنائية سابقا في مقر سفارة دولة فلسطين في بيروت، التي تعتبر البيت الفلسطيني الجامع رغم كل الاختلافات.

وفيما وصفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، اللقاء بانه ايجابي وطوى صفحة من الفتور، توقعت ان يمهد الطريق امام عقد سلسلة اجتماعات ثنائية بين حركتي "فتح" و"حماس" بشكل مركزي ومناطقي، ترجمة للاجواء الايجابية التي تسود العلاقة بين الطرفين على خلفية الموقف الموحد من رفض قرار "​اسرائيل​" ضم اجزاء من ​الضفة الغربية​ والاغوار واعتباره عدوانا جديدا، والمؤتمر الصحفي المشترك الذي عقد عبر تطبيق زوم" بين أمين سر اللجنة المركزية لحركة "فتح" اللواء جبريل الرجوب ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" صالح العاروري، اعلنا فيه بدء طي صفحة الخلافات والسير على طريق تحقيق الوحدة الوطنية.

وعلمت "النشرة"، ان مسؤول الملف الفلسطيني في حركة "أمل" الحاج محمد الجباوي لعب دورا في عقد الاجتماع، استكمالا للمساعي الحميدة التي تبذلها حركة "أمل" بمواكبة مباشرة من رئيسها، رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ لترتيب البيت الفلسطيني ورأب الصدع بين الطرفين، وآخرها إعادة تفعيل عمل "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" التي تعتبر المرجعية السياسية والامنية والاجتماعية للمخيمات في لبنان.

وفي المعلومات، فقد جرى الاتفاق على طرح القضايا ذات الاهتمام المشترك، بعيدا عن اي قضية خلافيّة والتزام الطرفين بتفعيل "الهيئة"، على اعتبارها خطوة ضرورية من شأنها أن تساهم في المحافظة على أمن ​المخيمات​ والتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، من خلال مطالبة الدولة اللبنانية بمنح اللاجئين الحقوق المدنيّة والإنسانية وتعزيز صمودهم في مواجهة التحديات، ودعوة "​الأونروا​" بضرورة القيام بواجباتها تجاه الشعب الفلسطيني وإقرار خطة طوارئ عاجلة، تلبّي احتياجاته والتي أصبحت ملحّة وكثيرة ومتنوعة بفعل الأزمة الاقتصاديّة التي يشهدها لبنان.

الغاء اجتماع

مقابل الاجواء الايجابية، كشفت مصادر فلسطينية لـ"النشرة"، ان اجتماعا لـ"لجنة الحوار اللبناني–الفلسطيني" برئاسة رئيسها الوزير السابق الدكتور ​حسن منيمنة​، كان مقررا انعقاده ظهر يوم غد (الثلاثاء) في السراي الحكومي في بيروت، قد الغي بسبب الاختلاف على جدول الاعمال الذي تضمن عنوان ادانة قرار الاسرائيلي بضم أجزاء من الضفة الغربية والاغوار.

ووفق المصادر، فإن إتصالا جرى بين منيمنة وأمين سر حركة "فتح" وفصائل "منظمة التحرير الفلسطينية" في لبنان، ​فتحي ابو العردات​، استعرضا فيه الاوضاع الفلسطينية العامة وأهمية اصدار بيان مشترك باسم "اللجنة" لادانة قرار الضم، واتفقا على موعد الثلاثاء، حيث أجرى "أبو العردات" بدوره اتصالا بأمين سر "تحالف القوى الفلسطينية" ومسؤول "القيادة العامة" في لبنان غازي دبور "أبو كفاح" الذي استوضح عن جدول الاعمال وطلب مهلة للتشاور مع باقي مسؤولي "التحالف"، وكان الرد بالرفض تحت عنوان" الابتعاد عن القضايا السياسية، وان اللجنة يجب ان تركز مهامها على الشؤون الاجتماعية والخدماتية والانسانية للشعب الفلسطيني".

قرار رفض "التحالف"، شكل مفاجأة لـ"المنظمة"، خلافا للاجواء الايجابية، والتي تمثلت بتطورين الاول: التقارب بين حركتي "فتح" و"حماس" حيث أعلنتا بدء طي صفحة الخلافات والسير على طريق الوحدة الوطنية، والثاني نجاح حركة "أمل" وبمواكبة مباشرة من رئيسها بري في "رأب الصدع".

واوضحت المصادر، ان سببا آخر كان خلف رفض "التحالف" وهو اصرار حركة "حماس" تمثيل كافة الأطر الوطنية والإسلامية الفلسطينية في "اللجنة"، في اشارة الى ممثلين عن "القوى الاسلامية" و"انصار الله" اليها،​ على اعتبارهما جزء من "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" ويحضرون لقاءاتها الدورية المركزية" وخدمة للمصلحة اللبنانية-الفلسطينية، وتعزيزاً لروح التعاون والحوار الأخوي في مقاربة ومعالجة كافة القضايا الخاصة بالوجود الفلسطيني في لبنان، وفق ما اعلن نائب ممثل الحركة في لبنان جهاد طه في شهر شباط الماضي عند تعليق مشاركتها في "اللجنة"، علما ان "اللجنة" كانت قد عقدت آخر اجتماعاتها في 19 شباط الفائت وأعلنت فيه موقفا موحدا من "​صفقة القرن​" ومخاطرها على القضية الفلسطينية والدول المضيفة، وكيفية تحصين الموقف المشترك الرافض لكل المشاريع الهادفة الى توطين اللاجئين وتصفية القضية الفلسطينية.

رسالة اسلامية

في المقابل، نقلت "القوى الاسلامية" في ​مخيم عين الحلوة​، الى رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة الشيخ ماهر حمود رسالة حاسمة، عنوانها حرصها وكل القوى الفلسطينية الوطنية والاسلامية على حفظ امن واستقرار المخيمات والجوار اللبناني، وعلى وأد الفتنة المذهبية في ظل المعلومات التي تحدثت عن نقل مجموعات "جبهة النصرة" الى لبنان لاثارة القلاقل، حيث كان تأكيد مشترك على ان هذه المعلومات ينقصها الكثير من الدقّة، وفي الوقت نفسه اعتبار انّ الجهوزية الامنية اللبنانية والفلسطينية كفيلة بضرب مثل هذه المؤامرة الدنيئة في مهدها.

وبحث الشيخ حمود مع "الوفد الاسلامي" الذي ضم الشيخ جمال خطاب، الشيخ ابو شريف عقل والشيخ ابو طارق السعدي، الجهود التي تبذل لتثبيت الامن في المخيمات، وجعلها صمام امان، باعتبار ان أمنها جزء لا يتجزأ من الامن اللبناني، اضافة الى سبل مواجهة صفقة القرن وواجب توحيد الصفوف في مواجهة المؤامرات التي تستهدف المقاومة والتي تستهدف فلسطين.