لفت مصدر سياسي لـ"الجمهورية"، إلى انّ ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​ ينطلق من مواقفه من ثلاثة اعتبارات أساسية: أولاً، حرص ​بكركي​ على دور ​لبنان​ التاريخي ورفضها ان ينهار، وأن يسقط وان تُضرب وتُنسف هذه التجربة. ثانياً، تعتبر بكركي نفسها مسؤولة عن الثوابت الوطنية الكبرى، هي لا تتدخّل في الشأن السياسي اليومي، ولكن في المواضيع المتصلة بالمبادئ السياسية تحرص على الحفاظ على النموذج اللبناني، وهي التي ساهمت مساهمة أساسية بولادة لبنان الكبير أولاً، وبتغطية ​اتفاق الطائف​ ثانياً، وبالوصول إلى إخراج ​الجيش السوري​ من لبنان ثالثاً، لذلك لن تتهاون مع مسألة سقوط ​الدولة​ في لبنان. ثالثاً، تهتم بكركي كثيراً في أنّ لبنان هو بلد التعايش والشراكة الإسلامية - ​المسيحية​، وهو يشكّل هذه البقعة من التعددية والحرّية، لذلك ترفض أن يُصار الى ضرب هذا الوطن الرسالة، كما أطلق عليه قداسة ​البابا​ يوحنا بولس الثاني».

وأوضح ان مواقف البطريرك بدأت بالتصاعد ربطاً بشعوره بحجم المخاطر المحدقة بلبنان، وهو بدأ يرفع السقف الوطني الذي يجب اعتماده. من هنا تركيزه على 3 نقاط اساسية: النقطة الأولى متصلة بقرارات الشرعية الدولية، اذ لا يمكن للبنان ان يكون بعزلة عن ​المجتمع الدولي​، لأنّ القرارات الدولية لم تصدر إلّا من أجل أن تُطبّق، وتطبيقها يشكّل مصلحة لبنانية، وبالتالي يريد البطريرك تطبيق كل القرارات الدولية ذات الصلة، بما يضمن سيادة لبنان واستقلاليته وحريته. النقطة الثانية، تحدث البطريرك عن انّ لبنان يجب أن يكون جزءاً لا يتجزأ من الشرعية العربية، إضافة الى الشرعية الدولية، وهذا ما تنصّ عليه مقدّمة ​الدستور اللبناني​. وبما انّ لبنان عضو مؤسس في ​الجامعة العربية​ وفي ​الأمم المتحدة​ وفي شرعة ​حقوق الانسان​، لا يجوز ان يكون خارج هذا المحيط، وبعيداً من هذه الثوابت. أما النقطة الثالثة والأهم، فهي الحياد. الحياد للتذكير أنّ لبنان مع ميثاق 1943 قام على هذا المرتكز الأساس، "لا شرق ولا غرب"، ولبنان لا يمكن في ظلّ تعدديته إلّا ان يلتزم بالحياد. وهو ليس مسألة ثانوية انما مسألة كيانية ترتبط عضوياً بالبعد اللبناني، لأنّ لبنان من دون حياد يسقط. والدليل انّه في كل مرة ابتعد لبنان عن الحياد او ​النأي بالنفس​ سقط، وهذا ما حصل في حوادث 1958، وهو ما حصل في العام 1969، وبقي لبنان من دون دولة من الـ69 حتى يومنا هذا.

ورأى ان "المسألة اليوم تختلف عمّا كانت عليه في العام 2000. لكن، صوت بكركي صوت مدوٍ الى جانب قوى سياسية أخرى، وهذا كافٍ ويشكّل بحدِ ذاته إلى جانب دينامية الناس دينامية تغيير حقيقية". ولفت إلى ان "كلام البطريرك هو رَفعُ غطاءٍ كلي عن ​السلطة​ السياسية بكل رموزها وأركانها. ويضع خريطة طريق في هذا المجال".