أزمة ​المحروقات​ المفتعلة لم تعد تقتصر على مادّة ​المازوت​ فقط التي يتحجج أصحاب المحطات تارةً بتهريبها الى ​سوريا​ من قبل الموزعين، وتارةً أخرى بعدم تسليمهم الكميات المطلوبة منها من قبل المستوردين، اما حقيقة المشكلة فتكمن بتخزينها وإحتكارها لبيعها فيما بعد على السعر الأعلى بما أن أسعار ​النفط​ العالميّة الى إرتفاع. أزمة المحروقات المفتعلة يبدو أنها تمدّدت الى مادّة ​البنزين​ التي بدأت المحطات تُقنّن تسليمها الى المواطنين. محطات تطلب منها تعبئة سيارتك فيجيب العامل لديها "ما فينا نعبّي أكتر من 25000 ليرة" ومحطات أخرى بدأت تقفل أبوابها أمام الزبائن بحجّة بيعها كل ما لديها من مادة البنرين في خزّاناتها ولأنّ الشركات لا تسلّمها الكميّات التي تطلبه.

هذا ما يقوله أصحاب المحطّات، ولكن، ما يقوله أصحاب الشركات المستوردة للنفط، فمختلف كلياً وعنوانه الأساسي، ألاّ أزمة بنزين مرتقبة، وأن الكميات الموجودة لدى الشركات تكفي حاجة السوق لناحية الإستهلاك اليومي لكنها غير كافية للتخزين في خزّانات المحطات كما يريد بعض التجار وأصحاب المحطّات، لذلك تقوم الشركات المستوردة بتسليم المحطات مادة البنزين بكميات أقلّ من تلك التي يطلبها أصحابها، وهنا تضيف مصادر الشركات المستوردة "على أصحاب المحطّات أن يعتادوا على طريقة جديدة في التعاطي التجاري، بما أننا أصبحنا غير قادرين على إستيراد المحروقات بالسرعة التي كانت قائمة سابقاً وبالكميّات التي كنا نستوردها سابقاً، وبالتالي، عمليات التخزين لم تعد واردة ومقبولة اليوم، وإذا حاول البعض التخزين والإحتكار على ​الأجهزة الأمنية​ التعاطي معه بحزم".

هذا الشحّ في مادّة البنزين، تقول مصادر المستوردين، يعود الى سببين، الأول تأخّر وصول البواخر بسبب تأخّر فتح الإعتمادات الماليّة وبسبب التدقيق المشدّد الذي باتت تمارسه مصارف المراسلة في الخارج بحق المصارف ال​لبنان​ية بعد ​الأزمة​ الماليّة التي يشهدها لبنان وتحديداً لناحية تخلّفه عن تسديد ديونه، والسبب الثاني مرتبط بتأخير تفريغ البواخر حمولتها، بعدما قرّر ​مجلس الوزراء​ بناء على طلب ​وزارة الطاقة والمياه​ فحص عيّناتها في مختبرات bureau veritas في دبي، لأن موظفي المختبرات المركزية لا يزالون قيد التوقيف بسبب ملفّ ​الفيول​ الشهير مع شركة سوناطراك، وفي هذا السياق، تكشف المعلومات أن ​النيابة العامة التمييزية​، وفي الأسابيع الأولى لملفّ الفيول الشهير، كانت توافق على سوق موظفي المختبرات المركزية الموقوفين من السجون الى المختبرات لفحص العينات وعند إنتهائهم من المهمّة تعيدهم الى النظارات، ولكن في الأسابيع الماضية لم تعد النيابة العامة توافق على طلبات كهذه، ما اضطر وزارة الطاقة الى مطالبة مجلس الوزراء بفحص العينات في مختبرات دبي، وبالتعاقد مع ثلاثة إختصاصيين كيميائيين للعمل في المختبرات بدلاً من الموظفين الموقوفين وذلك على إعتبار أنّ المسار القضائي قد يطول وتوقيف موظفي المختبرات أيضاً.

إذاً أزمة البنزين مفتعلة، وعلى الأجهزة الأمنية والوزارات المعنيّة متابعة الموضوع لكشف الحقائق وملاحقة المتورطين بإحتكار مادّة حيويّة أساسيّة، ​اللبنانيون​ هم بأمس الحاجة اليها خصوصاً في هذا الظرف الصعب الذي يمر على لبنان.