تتفق معظم القوى السياسية الراعية لحكومة حسان دياب: "​التيار الوطني الحر​"، "​حركة أمل​"، "​حزب الله​"، أنها أمام إنطلاقة جديدة، بعد طيّ صفحة الحديث عن إسقاطها أو تعديلها، نتيجة التوافق الذي حصل منتصف الاسبوع الماضي، لكن السؤال الأساسي يبقى حول قدرتها على الإستفادة من تجديد الثقة بها، في ظل الضغوطات التي تتعرض لها على مختلف المستويات.

في هذا السياق، بات من الواضح أن صرف النظر عن التغيير الحكومي يعود إلى مخاطر الذهاب إلى الفراغ، لا سيما على المستويين الإقتصادي والإجتماعي، في ظل غياب التوافق على أي خيار بديل، في حين أن التعديل لن يكون له مفاعيل كبيرة، بإستثناء الذهاب إلى خطوة قد تكون شعبويّة من غير المتوقع أن يكون لها أيّ مفاعيل عمليّة.

من وجهة نظر مصادر سياسية مطلعة في قوى الثامن من آذار، من شروط هذه الإنطلاقة ​الجديدة​ منح ​الحكومة​ جرعة دعم كبيرة، بهدف دفعها نحو تفعيل عملها وإحداث صدمة إيجابيّة في مواجهة الخطر الأساسي الذي تواجهه، أي الواقعين الإجتماعي والإقتصادي، وبالتحديد سعر صرف ​الدولار​ الأميركي مقابل الليرة ال​لبنان​ية، بالإضافة إلى تراجع القدرة الشرائيّة لدى المواطنين، وتؤكد أنّ هذه مسؤولية القوى السياسية الداعمة لها.

بالنسبة إلى هذه المصادر، فشل حكومة دياب يعني فشل تلك القوى السياسية، وبالتالي هي ستكون المسؤولة أمام الرأي العام، نظراً إلى أن رئيس الحكومة حسّان دياب، بالإضافة إلى أغلب الوزراء، ليس لديه ما يخسره على المستوى الشعبي، وهو ما يُفسر التأكيدات التي تصدر عن عدد من الوزراء، بين الحين والآخر، بأن ليس لديهم الرغبة للبقاء في مواقعهم، وبالتالي في حال قرر ​المجلس النيابي​ رحيلهم لا يمانعون.

وإنطلاقاً من ذلك، ترى المصادر نفسها، عبر "النشرة"، أن قوى الثامن من آذار و"التيار الوطني الحر" ليس لديهما من خيار إلا دعم حكومة دياب لتجاوز المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد، ليس على قاعدة معالجة ​الأزمة​ بل الحد من سرعة التدهور الحاصل، خصوصاً بعد أن تأكد الجانبان صعوبة الذهاب إلى خيار بديل في الوقت الراهن، لا بل والذهاب بعيداً في إرسال رسائل الطمأنة إلى دياب، التي تنص على أن حكومته باقية حتى موعد ​الإنتخابات النيابية​ المقبلة في العام 2022.

وبعيداً عن هذه المعادلة التي قد تكون مستحيلة أو من الصعب التكهن بنجاحها في ظل المتغيرات المتسارعة في لبنان والمحيط، تشير المصادر السياسية المطلعة في قوى الثامن من آذار إلى أن من الشروط الأولية لهذه الإنطلاقة كان تعيين مجلس إدارة جديدة ل​مؤسسة كهرباء لبنان​، الأمر الذي حصل في جلسة ​مجلس الوزراء​ يوم أمس، نظراً إلى أن الإصلاح في هذا القطاع هو المطلب الأول لكل الجهّات التي تم التواصل أو التفاوض معها لمساعدة لبنان، في حين أن واقعه لم يعد من الممكن الإستمرار به بأي شكل من الأشكال.

وفي حين تكشف هذه المصادر أن المسار الجديد من المفترض أن يستكمل بوضع غالبية المشاريع التي تندرج في الإطار الإصلاحي على طاولة مجلس الوزراء، تلفت إلى أن السؤال الأساسي يبقى حول المدى الذي تستطيع الذهاب إليه على هذا الصعيد، خصوصاً أنها في الفترة الماضية اصطدمت بالعديد من العراقيل، أبرزها كان على مستوى الخلافات بين القوى الداعمة لها، وبالتالي الأمر يتوقف عند رغبة تلك القوى التي على ما يبدو بدلت من موقفها.

في المحصلة، تجزم المصادر نفسها أن الأيام المقبلة ستكشف ما إذا كانت الإنطلاقة الجديدة مستمرة، لكنها تشير إلى أن الحكومة تتعرض إلى موجة واسعة من الضغوطات على المستويين السياسي والإعلامي، بعضها يأتي عن حق، لكن القسم الأكبر منها في غير مكانه، وتضيف: "في ظل هذه الأجواء هي مطالبة بالإنجاز لكن هذا الأمر لا يمكن أن يتم من دون دعم سياسي واضح وكامل".