تجتمع اليوم في ​السراي الحكومي​ اللجنة الوزارية التي كلفها ​مجلس الوزراء​ في جلسته الأخيرة دراسة التعديلات المقترحة من الوزارات المعنية على مشروع القانون الذي قدمه وزير الطاقة ​ريمون غجر​ لتعديل قانون الكهرباء 462، وذلك بهدف فتح الباب أمام تعيين الهيئة الناظمة ل​قطاع الكهرباء​ والتي يطالب ​صندوق النقد الدولي​ لبنان بتعيينها اليوم قبل الغد من ضمن سلّة الإصلاحات المطلوبة في المفاوضات. مطلب لم يسمع به اللبنانيون للمرة الأولى بعد الإنهيار المالي الحاصل بل سئموا الحديث السياسي عنه وعلى مدى سنوات وسنوات من دون أن تتقدم الأمور خطوة واحدة الى الأمام. فلماذا لم تعيّن الهيئة بعد؟ وما هي صلاحياتها؟ لماذا المطلوب تعديل قانون الكهرباء قبل تعيينها؟ والى اين وصلت المفاوضات السياسية حول هذا التعيين؟

يروي المتابعون لهذا الملف أنه ومنذ العام 2002 صدر القانون 462 الذي ينظم قطاع الكهرباء ونص في فصله الثاني على ضرورة إنشاء الهيئة الناظمة للكهرباء التي تتألف من رئيس وأربعة أعضاء يعينهم مجلس الوزراء، ولكن بسبب الخلافات السياسية لم تعين بعد والخلاف قائم تحديداً حول نقطتين، صلاحياتها الواسعة التي اعطاها اياها قانون الكهرباء على حساب الوزير، وتضارب الصلاحيات والمسؤوليات إذ أعطى القانون الصلاحيات الواسعة للهيئة وترك المسؤولية على الوزير وهذا ما يضرب مبدأ محاسبتها. هذه الثغرة في القانون 462 سببها أنه نسخ في العام 2002 على عجل وقبل أسابيع قليلة من مؤتمر باريس 2 عن قانون الإتصالات، كل ذلك من دون أن تصدر أي حكومة مراسيمه التطبيقية و​مجلس النواب​ لم يدرك أنه غير قابل للتطبيق إلا في العام 2011 عندما أصدر القانون 181 الذي ينص على تشكيل لجنة وزارية لدرس تعديلات القانون 462 وإقرارها ومن ثم تعيين الهيئة الناظمة. حتى القانون 181 لم يطبّق، وبقيت الأمور عالقة على رغم إرسال وزارة الطاقة الى الحكومة التعديلات التي أتفق عليها في اللجنة الوزارية، وفي العام 2012 تقدم ​التيار الوطني الحر​ بإقتراح قانون لتعديل قانون الكهرباء فأرسله المجلس النيابي الى الحكومة لإبداء الرأي ولا يزال لديها على رغم تعاقب خمس حكومات على السلطة منذ ذلك التاريخ وحتى اليوم.

أما بالنسبة الى صلاحيات الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء فهي واسعة جداً ومنها، هي وليس الوزير، التي تعد دراسات المخطط التوجيهي العام للقطاع في الإنتاج والتوزيع وهي التي تعد مشاريع المراسيم المتعلقة بالكهرباء، هي التي تحدد سقف الأسعار للإنتاج وتعرفات الكهرباء وبدلات الإشتراك، والأهم، هي التي تضع المعايير التقنية والفنية والبيئية، أي دفاتر شروط المعامل، وتحدد معايير إعطاء التراخيص وتجددها أو تلغيها، هذا بالإضافة الى صلاحيات أخرى.

بين العام 2002 تاريخ إقرار القانون 462 والعام 2008 لم يكن التيار الوطني الحر قد تولى بعد وزارة الطاقة ولم تعين الهيئة الناظمة، وبين عامي 2008 و2019 أصبحت الوزارة مع التيار وحليفه الطاشناق ولم تقر الهيئة. خصوم التيار وعلى رأسهم ​حركة امل​ يعتبرون أن التيار يريد الإبقاء على صلاحيات الهيئة مع الوزير لذلك يريد التعيين والتيار ينفي معتبراً أن تعديل قانون الكهرباء يجب أن يأتي قبل أي شيء.

اليوم ما يبحث، هو إقرار مشروع قانون غجر لتعديل القانون 462، ومن بعدها يجتمع مجلس النواب لإقرار التعديلات على قانون الكهرباء بقانون، ومن ثم يعين مجلس الوزراء الهيئة الناظمة، على أن تبقى صلاحياتها في المرحلة الأولى مع الوزير أي الى حين إستلامها وتعيينها فريق عملها، فهل سيكتب النجاح لهذا المسار الذي يحكى أنه كان من بين الأمور التي إتفق عليها في لقاء عين التينة الأخير بين رئيس مجلس النواب ​نبيه بري​ ورئيس التيار الوطني الحر النائب ​جبران باسيل​؟.