نقول أن الوضع ​الاقتصاد​ي ال​لبنان​ي ولا سيما ​الوضع المالي​ شبه منهار وكذلك الوضع المعيشي و الخدماتي. بينما الوضع ذاته في ​العراق​ اليس بأفضل منه أن لم يكن أسوأ.

في الأسبوع الفائت زار وفد وزاري عراقي رفيع المستوى، ضمَّ وزراء ​النفط​ والتجارة و​الزراعة​ مع رئيس الوزراء اللبناني ​حسان دياب​ في جعبتهم ملفات تجارية وصناعية. تناول البحث موضوع تصدير النفط العراقي إلى لبنان مقابل منتجات زراعية وصناعية.

بدروه أكد القائم بأعمال ​السفارة​ العراقية في ​بيروت​ أمين النصراوي أن زيارة الوفد تأتي للتأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين البلدين، ولتوطيد العلاقات العراقية اللبنانية، بالإضافة إلى بحث القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما ينعكس بالإيجابية على الشعبين الشقيقين، مشيراً إلى أن موضوع استيراد النفط العراقي من الجانب اللبناني مقابل منتجات زراعية وصناعية متروك للقاءات الرسمية بين الجانبين .

تُعدّ إيرادات النفط في العراق مصدراً أساسياً لمالية ​الدولة​ الداخلية والخارجية اتجه ​القطاع الزراعي​ نحو الاعتماد عليها من جانبين، أولهما استيراد الأدوات المختلفة اللازمة للإنتاج، وثانيهما استيراد المواد الغذائية الجاهزة للاستهلاك المحلي. فكلما زادت هذه الإيرادات ارتفعت المقدرة على استيراد الأدوات الإنتاجية والمواد الاستهلاكية، والعكس بالعكس.

تشكل الأراضي المزروعة في العراق نسبة ضئيلة من المساحة الكلية، علما بأن المقدرة المالية كبيرة واليد العاملة والأطر الفنية متوفرة والمصادر المائية كافية. الأراضي الصالحة للزراعة لا تتعدى 11,5 مليون هكتار أي 26% من المساحة الكلية للدولة. أما الأراضي المزروعة فعلا فلا تتجاوز 5,5 ملايين هكتار أي 48% فقط من الأراضي الصالحة للزراعة و13% من المساحة الكلية، في حين يشكل حجم ​المياه​ في العراق ربع المياه المتاحة في ​العالم العربي​، رغم المشاكل التي تثيرها ​تركيا​ حيث منابع دجلة و​الفرات​.

إهمال القطاع الزراعي تسبب في تراكم الديون الخارجية التي غدت المشكلة المالية الأولى في العراق .

من جهة ثانية تُشكل الزراعة في لبنان ثالث أهم القطاعات الاقتصادية في البلاد بعد قطاع الخدمات و​الصناعة​. يُساهم هذا القطاع بقرابة 7% من الناتج المحلي الإجمالي، ويؤمن دخلا لحوالي 15% من السكان. تشمل المحاصيل الرئيسيّة كالحبوب، و​القمح​ والشعير بشكل أساسي، ​الفاكهة​ والخضار، الزيتون، ​العنب​، و​التبغ​ الخ ..

ففي خِضَمّ ازمة لبنان المالية والإقتصادية وفقدانه للموارد الأساسية النفطية كمادة ​المازوت​ و​الفيول​ وغيرهما ، وامام قوى امر واقع من تهريب مادة المازوت الى خارج الحدود اللبنانية من دون أي نتائج تذكر في وضع حدّ لهذه القضية ، وامام ازمة ثانية تطال المزارع اللبناني بشكل خاص من ناحية تصريف انتاجه وتصديره الى الخارج ما سيشكل نقطة هامة في تفعيل عجلة الاقتصاد بإعتماد تلك المقايضة منتوجات لبنان الزراعية مقابل النفط العراقي، وفي مبادرة حسن نوايا أبلغ رئيس الوزراء العراقي ​مصطفى الكاظمي​ رئيس ​الحكومة اللبنانية​ حسان دياب قراراً رسمياً بمساعدة لبنان في تأمين النفط والفيول مما يؤشر الى حلّ جزئي بسيط من تحديات تطال حكومة دياب لا سيما بعد الضغوط الخارجية والداخلية لإستبعادها عن المشهد السياسي وإستقالتها.

فأتى النفط العراقي منقذاً لدياب وحكومته بعدما رفع أسهم التحدي والرهان لإنقاذ البلد من ازمته، بإنتظار تلك الرزمة من الإصلاحات التي وعد فيها اللبنانيين، ربما في آخر فرصة جدية أُعطِيتّ له!