أشار السفير الفرنسي في ​لبنان​ ​برونو فوشيه​، إلى أن "هذه السنة كانت مضطربة بشكل استثنائي. فالأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالبلد منذ أشهر تؤثر بحدة على اللبنانيين، على حياتهم اليومية وكذلك على مشاريعهم"، مؤكدا أن الحكومة "رسمت مخرجا لهذه الأزمة من خلال الخطة التي اعتمدتها في 30 نيسان ومع انطلاق المفاوضات مع ​صندوق النقد الدولي​. الطريق شاق وليس هناك من بدائل. كانت الخطوات الأولى مشجعة وأقر صندوق النقد الدولي بأن التشخيص المقدم كان جيدا. ستقف ​فرنسا​ دوما إلى جانب لبنان على أن تطبق الإصلاحات الضرورية. من الملح والأساسي اعتمادها لكي يتمكن البلد من استعادة النمو واسترجاع الاستقرار. كررت ذلك مرارا هذه السنة أمام محاوري: يجب العمل الآن قبل أن يفوت الأوان. فما هو على المحك هو مستقبل لبنان والأجيال الصاعدة التي ينبغي لها أن تنشأ في بلد تسخر فيه طاقاتها لمنفعة الجميع. قيل ذلك في ​باريس​ خلال اجتماع مجموعة الدعم الدولية الذي انعقد في 11 كانون الأول 2019. وذكر بذلك وزير ​أوروبا​ والشؤون الخارجية. كل ذلك معروف تماما".

وخلال اقامة السفارة الفرنسية في لبنان حفلا افتراضيا بمناسبة العيد الوطني الفرنسي تحت شعار "التضامن لتكريم العاملين اللبنانيين في الرعاية الصحية الملتزمين في مكافحة وباء ​كورونا​"، لفت إلى أنه "على يقين بأن تطبيق المسؤولين السياسيين اللبنانيين للاصلاحات سيسمح للبنان باستعادة ثقة اللبنانيين أولا وثقة ​المجتمع الدولي​ أيضا. هذه الثقة أساسية للمضي قدما وللخروج من الأزمة. تتعالى منذ أشهر الصرخات في الشارع مطالبة بذلك. ف​اللبنانيون​ يعانون الأمرين. على السياسيين، مهما كانت انتماءاتهم، أكانوا في الحكومة أو في مجلس النواب أو ضمن القوى المشكلة للأغلبية أو في المعارضة، عليهم جميعا أن يسمعوا الدعوة الموجهة إليهم. يمر لبنان بأسوأ أزمة شهدها منذ نهاية الحرب الأهلية. لا يمكن لأحد أن ينكر ذلك. يجب العمل. يجب العمل من دون تأخر".

وأوضح أنه "على الرغم من هذه التحديات، تمكنت فرنسا من المحافظة خلال هذه السنة على علاقاتها الوطيدة مع لبنان في كافة القطاعات. في القطاع التربوي الفرنكوفوني، حشدت فرنسا جهودها من أجل الحفاظ على شبكة المدارس الفرنكوفونية ودعم التعليم ذات الجودة. تم الإعلان عن مشاريع دعم تؤكد على التزامنا في هذا المجال. لا ننسى التعليم الجامعي. فيما نواصل دعمنا للجامعات في لبنان، نتمنى استقبال عددا أكبر من الطلاب اللبنانيين في فرنسا. في القطاع الثقافي، تم إلغاء العديد من المناسبات هذه السنة. لكن يجب ألا تتم التضحية بالثقافة مهما ساء الوضع. علينا أن نبتكر وسائل جديدة من أجل دعمها وإحيائها".

ولفت إلى أنه "على الصعيد الأمني، تمكنت القوات المسلحة و​قوى الأمن الداخلي​ اللبنانية، التي أحيي جهوزيتها الدائمة في كل لحظة، من التكيف بشكل ملحوظ مع كافة الأوضاع ومن الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها. أود إذا أن أحيي إلتزامها هذا. إن دعمنا للقوى الأمنية اللبنانية دعم دائم لا سيما في مجالات الحماية المدنية و​مكافحة الإرهاب​ ودعم الدورات التدريبية. يهدف تعاوننا في مجال الدفاع إلى تعزيز قدرات ​الجيش اللبناني​، الذي يشكل عنصرا أساسيا لضمان إستقرار لبنان. إسمحوا لي كذلك أن أحيي الدور الذي تقوم به قوات ​اليونيفيل​، علما أن فرنسا تساهم في مهامها من خلال كتيبتها التي تضم حوالى 700 عنصر، وهو دور أساسي لتهدئة التوترات التي تظهر في المنطقة المعنية من وقت لآخر. وهذا ما شهدناه هذه السنة. إن اليونيفيل تؤدي دورا حاسما في الحفاظ على سلام هذه المنطقة وأمنها. ونحن سنبذل كل ما بوسعنا لنحافظ على ولايتها ولكي يتم الإبقاء على الإمكانيات التي تخولها الاضطلاع بمهامها".

واعتبر أن فرنسا "وقفت إلى جانب لبنان منذ بداية أزمة كورونا وقدمت على نحو عاجل معدات حماية للفرق الطبية وفرق ​الدفاع المدني​ والقوات المسلحة اللبنانية. إنني أعتقد بكل صدق وأمانة أن هذا التعاون وهذا التضامن خير دليل على روابط الصداقة العميقة في ما بيننا. أود أيضا أن أؤكد أنه على الرغم من الصعوبات التي يعاني منها اليوم إقتصاد دولنا، إزداد دعمنا هذه السنة للمؤسسات الإنسانية والتنموية والمنظمات غير الحكومية والمنظمات المنبثقة من ​المجتمع المدني​. نحن نعلم أن الإحتياجات ضخمة، سواء في مجال الأمن الغذائي أو الصحة أو التربية، وهي ستبقى كذلك في المستقبل. إن هذا التضامن مع لبنان يشهد على إرادتنا في مساعدة الأشخاص الأكثر ضعفا، أكانوا لبنانيين أم لاجئين، وهي مساعدة تساهم في تجنب بروز توترات بين المجموعات المختلفة".

وقال: "أود أن أختم كلامي برسالة أمل وثقة أوجهها إلى ​الشعب اللبناني​، هذا الشعب الذي ما انفك يسحرني طوال فترة إقامتي في لبنان بإبداعه وكرمه وحيويته وقدرته على التأقلم. فهذه المرة الثالثة التي أحظى فيها بشرف الإحتفال بالعيد الوطني الفرنسي في لبنان، وأود أن أقول لكم كم سررت، خلال هذه السنوات الثلاثة، بأن أخدم ليس فقط بلادي بل وبدرجة أكبر فكرة معينة عن الصداقة العميقة التي تجمع ما بين فرنسا ولبنان".