على وقع العديد من الملفات الخلافية التي تطرح في الوقت الراهن، مرّ كلام رئيس الحكومة ​حسان دياب​ من الديمان، بعد زيارته البطريرك الماروني الكاردينال مار ​بشارة الراعي​، مرور الكرام، بالرغم من إعترافه غير المباشر بالعجز، من خلال تعليل عدم إستقالة الحكومة بغياب البديل، وبالتالي إستمرارها في تصريف الأعمال لسنة أو ربما لسنتين.

من حق رئيس الحكومة، اعتبار أن خطوة من هذا النوع جريمة بحق البلد وبحق اللبنانيين، وأن يرمي المسؤولية على ​المجلس النيابي​ الذي يستطيع أن يطرح الثقة بحكومته وتغييرها، لكن من الناحية العملية على دياب أن يسأل نفسه عما تقوم به هذه الحكومة في الوقت الضائع من حياة المواطنين، وعما إذا كانت إنتاجيتها تخطت مرحلة تصريف الأعمال التي يخشى الدخول فيها.

في هذا الإطار، كان من الممكن أن يقدّم أكثر من حاجة لبقائه في موقعه، منها محاولة معالجة الأزمة الراهنة وخطورتها، لكن أن يتبنى هو شخصياً نظرية غياب البديل أمر لا يمكن أن يكون مقبولاً، فهذا إعتراف منه بالعجز عن القيام بأيّ خطوة جدية، وبالتالي إنتظار إتفاق القوى السياسية والجهات الخارجية على مسار جديد للأزمة، الأمر غير الممكن حالياً نظراً إلى أن البلاد والمنطقة في مرحلة مواجهة من العيار الثقيل.

بالتزامن، على رئيس الحكومة أن يسأل عن واقع المواطنين وأن يدفع بوزراء حكومته إلى النزول إلى الشارع، لمعرفة ما هي الإنجازات التي تحققت على مدى الأشهر الماضية من توليه منصبه، وربما يسمع منهم الجواب المناسب عما يجب أن يقوم به بأسرع وقت ممكن، في ظل السرعة في التدهور التي تسير بها الأزمة الإقتصادية والإجتماعية، أو ربما يدرك فعلاً حجم تراجع أعداد من كانوا يراهنون على منحه فرصة عند تكليفه بهذه المهمة الصعبة.

أصعب ما قد يخرج به مسؤولاً في مثل هكذا أوضاع هو الإعتراف بالعجز، نظراً إلى أن المواطنين يبحثون عن أن فسحة أمل بالمستقبل، وبالتالي بعد هذا الإعتراف يكون على رئيس الحكومة أن يبحث عن أي صدمة إيجابية من الممكن أن يقوم بها، بهدف إعادة تصويب المسار أو رمي المسؤولية على القوى السياسية، سواء الداعمة أو المعارضة له، طالما هو مثلها بات ينتظر الإتفاق على البديل.

إنطلاقاً من ذلك، قد يكون من المفيد أن يذهب دياب إلى مراجعة ما أدلى به من الديمان، بالنسبة إلى تبرير عدم الإستقالة بعدم القدرة على الإتفاق على آخر، لا بالنسبة إلى إعادة الحديث عن عدم مسؤوليته عن السنوات الماضية، لتوضيح هذا الموقف غير المنطقي والذهاب إلى تفعيل عمل الحكومة، أو رمي ورقة إستقالته بوجه الجميع، لدفع القوى المعنية إلى إيجاد البديل المنتظر والبحث في كيفية الخروج من الأزمة.

قد يكون من الظلم تحميل رئيس الحكومة مسؤولية ما وصلت إليه البلاد من واقع صعب، لكن في المقابل لا يجوز أن يكون شريكاً في مرحلة الإستنزاف التي يعاني منها المواطنون، وبالتالي دعوته إلى المبادرة بالطريقة التي يراها مناسبة، كي لا يُحمّل في المرحلة المقبلة المسؤولية عن الإنهيار أو يكون المعبر لعودة من كان مسؤولاً عن الأزمة، هي الخيار الأفضل في هذه المرحلة.