على الرغم من نجاح "​حزب الله​" في إسقاط فكرة التغيير الحكومي، في الفترة الماضية، من خلال "الفيتو" الذي وضعه بوجه المحاولات التي ظهرت من قبل بعض حلفائه، خوفاً من الدخول في مرحلة طويلة من الفراغ في الوقت الضائع، إلا أن هذا الخيار لم يمت بعد، نظراً إلى أن الكثير من الأفرقاء لا يزالون مؤيدين له بقوّة، على قاعدة أنّ البلاد بحاجة اليوم إلى تسوية ما، قادرة على الحدّ من سرعة الإنهيار الحاصل في ظل المواجهة الأميركية-الإيرانية المفتوحة.

حتى الآن، ليس هناك من مبادرة جديدة على هذا الصعيد، لكن الأكيد، خصوصاً بعد إعتراف رئيس ​الحكومة​ ​حسان دياب​ ب​العجز​ عبر تبرير عدم إستقالته بعدم الإتفاق على بديل، أنّ الحكومة الحاليّة لم تعد قادرة على الصمود طويلاً، وبالتالي هي مرشحة للإنتقال من ​تصريف الأعمال​ غير الرسمي إلى تصريف الأعمال الرسمي في أيّ لحظة، في حال تزايدت الضغوط عليها.

في هذا السياق، تكشف مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أن فكرة وجود شخصيّة لبنانية تشبه رئيس الحكومة العراقيّة ​مصطفى الكاظمي​ في ​السراي الحكومي​ بدأت تدغدغ مشاعر الكثير من القوى المحليّة، على قاعدة أنّ هذا الخيار، مع وزراء من خارج التركيبة السياسية وغير مستفزين لأيّ فريق، قادر على فك الإشتباك الراهن، وبالتالي تمرير المرحلة الصعبة التي تمرّ بها البلاد، لكنها تؤكد أن هذا الأمر لا يمكن أن يحصل من دون توافق سياسي من العيار الثقيل.

من وجهة نظر هذه المصادر، هناك الكثير من المعطيات التي بدأت تدفع نحو هذا الخيار، منها دعوة الحياد التي يحملها ​البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي​، بالإضافة إلى حالة العزلة التي تعيشها الحكومة الحالية، من دون تجاهل مواقف بعض الجهات الدولية التي لم تعد راضية عن أدائها، رغم أن مواقفها لا تنسجم مع الموقف الأميركي المتشدّد، ومنها على سبيل المثال ​فرنسا​، التي يزور وزير خارجيتها ​جان إيف لودريان​ ​بيروت​ يوم الأربعاء المقبل.

إنطلاقاً من ذلك، تطرح المصادر نفسها العديد من التساؤلات حول ما إذا كان لودريان سيذهب إلى طرح فكرة التغيير الحكومي خلال زيارته إلى بيروت، رغم أنها تستبعد ذلك نظراً إلى أن ​باريس​ لا تزال تراهن على دفع الحكومة الحاليّة إلى القيام بخطوات إصلاحيّة، تفتح الباب أمام إقناع ​المجتمع الدولي​ لمساعدتها، تبدأ من المفاوضات مع ​صندوق النقد الدولي​، التي كانت قد تعثّرت في الفترة الماضية بسبب عدم الإتفاق على الأرقام الماليّة.

في هذا الإطار، لا تعتبر المصادر السياسية المتابعة طرح هذه الفكرة من قبل بعض الأوساط في تيار "المستقبل" أمراً عابراً، رغم كلام رئيس الحكومة السابق ​سعد الحريري​ عن أنه لا يغطي أحداً، وتسأل عمّا إذا كان هناك من معطيات دفعت الحريري إلى تبديل وجهة نظره من إمكانيّة التوصّل إلى تسوية من هذا النوع، رغم التأكيدات بأنّ "حزب الله" لا يزال متمسّكاً بدياب طالما أنّ الإتفاق على البديل لم يحصل بعد، وترى أنّ هذا المعطى لا يزال بحاجة إلى بعض الوقت كي يظهر بشكل واضح.

وعلى الرغم من أنّ هذه المصادر تؤكّد أن ظروف هذا الطرح لم تنضج بعد من الناحية العمليّة، إلا أنّها تشير إلى أنّ الأيام المقبلة قد تكون كفيلة بإنضاجها، خصوصاً أن البلاد مقبلة، بحسب جميع المؤشّرات، على تطورات لن تكون سهلة على الإطلاق، منها الحكم الذي سيصدر عن ​المحكمة الدولية​ في الشهر المقبل، الأمر الذي يفرض على جميع الأفرقاء البحث في كيفيّة تحصين الساحة المحليّة من أيّ توترات قد تأتي على خلفيّة هذا الحكم، بعد أن بات معلوماً أنه سيصدر بحق عناصر من "حزب الله".

في المحصّلة، فكرة التغيير الحكومي ستبقى قائمة طالما أن الحكومة الحالية لم تقدم عملياً ما يدعم فرص بقائها، حتى ولو كان ذلك لم يتحوّل إلى أمرٍ واقعٍ لا مفر منه، والبعض يشير إلى أن هذا السيناريو سيحصل، سواء قبل الإنتخابات الرئاسيّة الأميركية المقرّرة في شهر تشرين الثاني المقبل أو بعد الإنتهاء من هذا الإستحقاق مباشرة.