بعد فترة من الأخذ والرد، بين الأفرقاء المشاركين في حكومة حسّان دياب، وافق ​مجلس الوزراء​ على التعاقد مع شركة Alvarez & Marsal للتدقيق الجنائي، ومع شركتي kpmg وoliver wayman للتدقيق المحاسبي، في حسابات ​مصرف لبنان​، الأمر الذي اعتبره دياب تحوّلاً جذرياً في مسار كشف ما حصل على المستوى المالي من هدر و​سرقات​.

وفي حين كان ​رئيس الجمهورية​ العماد ​ميشال عون​ أبرز الداعمين لهذه الخطوة، الأمر الذي عبّر عنه في أكثر من مناسبة في الفترة الماضية، إلا أنّ مجرد إقرار التدقيق الجنائي في جلسة مجلس الوزراء تنتفي الإتّهامات التي كانت توجّه الى أطراف بالحكومة بوجود مساع من البعض لعرقلة هذا المسار، لا سيما بعد "تسخيف" خطر إرتباط بعض الشركات بالجانب ال​إسرائيل​ي.

في هذا الإطار، كان أحد الوزراء المحسوبين على الفريق الوزاري الشيعي جازماً، قبل موعد الجلسة، بأن مجلس الوزراء يتجه إلى إقرار التدقيق الجنائي، الذي كان محل أخذ ورد، في جلسة اليوم، بشرط التأكد من أن ليس هناك ما يمنع ذلك حسب ال​تقارير​ الأمنية، في مؤشر إلى الرغبة في إنجاز هذا الملف الذي طال إنتظاره، للانتهاء من الإتهامات حوله، إلا أن السؤال الأساسي يبقى حول ما إذا كان سيقتصر على حسابات مصرف لبنان، أم سيمتد الى مؤسسات ​الدولة​ وإداراتها.

وفي ​تفاصيل​ هذا الملفّ، تكشف مصادر مطّلعة عبر "​النشرة​" أنه "أخد اكتر من حجمه"، وفي الأساس لم يُعارض أي طرف التدقيق الجنائي ولكن كان هناك تحفظات للفريق الشيعي، تم عرضها على رئيس الحكومة والأطراف الفاعلة فيها، في اجتماعات مطوّلة، وبعد أن تمّ الأخذ بها، انتهى الملف بالنسبة الى هذا الفريق.

وتضيف في التفاصيل: "مباحثات مجلس الوزراء اليوم حول الملف أثبتت أن لا مشكلة في أصل طرح الفكرة، إنما كانت بالشركة المطروحة، وتقارير ​الأجهزة الأمنية​ حولها، الى جانب ​تقرير​ هيئة التشريع والاستشارات التابعة ل​وزارة العدل​، والتي كانت أول من حذّر من "كرول" وعلاقاتها"، مشيرة الى أن الفريق الشيعي عرض تحفظاته لمن يعنيهم الأمر، وتنحى جانبا، حتى أن ​وزارة المال​ سلّمت الملف الى ​رئاسة الحكومة​، وبدوره أجرى أحد المستشارين الرئيسيين ​الاتصالات​ بالشركات الخمس، ورفع النتائج الى مجلس الوزراء الذي اخذ قرار التعاقد مع شركة "ALVAREZ"، من دون تدخّل من وزراء ​حركة أمل​ و​حزب الله​، لسببين، الأول هو رغبتهم بعدم التدخل، وثانيا بسبب عدم رغبتهم بالتصويت على شركات يعمل فيها إسرائيليون.

أما عن التحفّظات التي أثارها الفريق الشيعي سابقا، فهي بحسب ما تكشف المصادر، علاقة أي شركة بإسرائيل، ممّا يعني تعرية الأمن القومي اللبناني، وبالتالي كان الرفض ثابتا لأي شركة جذورها "إسرائيليّة"، وهذا يختلف عن كونها عملت في "إسرائيل" او يعمل فيها إسرائيليّون، موافقة الأجهزة الأمنية المعنية على الشركات المرشحات للتدقيق الجنائي، وأخيرا الحصول على ضمانات ألا تتحول الشركة الى "​محكمة​ دوليّة خاصة جديدة"، تحوّل المسار الى حيث ما تشتهي في ​السياسة​، دون الغوص بالتفاصيل حول المستهدف بهذه الحالة.

بعد الأخذ بهذه التحفّظات أصبح السير في التدقيق الجنائي مضمونا، ولم يكن يحتاج الملف ليكتمل الا الى نتائج اتصالات رئاسة الحكومة مع الشركات، وتقارير ​الاجهزة الأمنية​، وبالتالي كان الخيار على هذه الشركة.

بالنهاية، تؤكّد المصادر عبر "النشرة"، أن المطلوب في المرحلة المقبلة الذهاب إلى التدقيق في كل حسابات المؤسسات والإدارات العامة، حيث الخلل لا يتوقّف عند مصرف لبنان بل هو بشكل أساسي في أجهزة الدولة التي كان يتم الصرف عبرها. فهل تُستكمل الخطوة الأولى، ونستفيد من جهوزيّة أرقام الماليّة العامة للسنوات الـ25 الماضية؟!.