صحيح أن المتورطين الأساسيين بملف الدجاج الفاسد أي أصحاب شركة فريحة لم يتم توقيفهم بعد من قبل ​القوى الأمنية​، ولكن الأكيد أن فضيحة عشرات الأطنان من الدجاج الفاسد التي عثر عليها في مستودعات شركة فريحة في زكريت والزلقا لن يقفل بالسهولة التي إعتاد ال​لبنان​يون رؤيتها في ملفات كهذه، والسبب ان الفساد هنا يطال مجتمعاً برمته، يطال إبن القاضي الذي سيحكم بالملف وحفيد السياسي الذي يمكن أن يغطي الفاسد وعائلة الموظف الذي يقوم بعمليات الدهم ويكشف على البضاعة المخزنة منذ سنوات على رغم إنتهاء صلاحيتها، كل ذلك إنطلاقاً من قاعدة أن ما من عائلة في لبنان لا تتناول الدجاج لأكثر من مرة أسبوعياً وقلة قليلة من ​الأطفال​ لا تأكل الناغتس والإسكالوب وغيرها.

في الأمن تشير المصادر المتابعة الى توجه لإستكمال المداهمات والكشف عن المزيد من المستودعات التابعة للشركة، وهنا يقول مصدر متابع للملف، "كل ما تقدمت التحقيقات مع الموقوفين التسعة، كل ما تكشّفت مستودعات جديدة وكل ما إزدادت كميات الدجاج المصادر والذي سيخضع للفحوصات، ولكن الكشف الأولي عليه يشير الى تواريخ منتهية الصلاحية". وفي الأمن أيضاً تستمر عمليات التقصّي والإستعلام لمعرفة المكان الذي يتوارى فيه عن الأنظار نقولا فريحة صاحب الشركة ونجله رالف بهدف توقيفهما، وهنا يقول المتابعون، سبق ان حاولت المديرية العامة للجمارك الإتصال بفريحة ونجله لإستدعائهما الى التحقيق لديها على إعتبار أنها تجري تحقيقاً جمركياً بمعزل عن التحقيق الامني والقضائي، لكن إتصالات المديرية باءت بالفشل وتبين ان خطوطهما مقفلة.

أما في القضاء، فالملف لدى المدعى العام في ​جبل لبنان​ القاضية ​غادة عون​، وفيه تحقق مع تسعة موقوفين، ستة عمّال منهم من التابعية السورية وثلاثة لبنانيون بينهم مديران في الشركة. السوريون وبحسب التحقيقات كانوا يقومون بخلط الدجاج الفاسد المطحون بالبهار والمطيّبات لإزالة روائحه الكرهة قبل إستعماله وطبخه لبيعه في الأسواق، بين هؤلاء هناك من قال في التحقيقات "كنا نقوم بمهمتنا متحمّلين الروائح الكرهة للدجاج الفاسد، ولكن في نهاية المطاف، نحن موظفون مأمورون". ولأنّ المهمة التي كان يقوم بها هؤلاء ثانوية ولا علاقة لهم بقرار إستخدام الدجاج الفاسد، تتجه القاضية عون الى إطلاق سراحهم بعد إنتهاء التحقيق ومن دون أن تدّعي على أحد منهم. اما الموقوفون اللبنانيون الثلاثة، فإعترافاتهم في الملف اكثر من خطيرة كونهم كانوا يتولون مسؤوليات في الشركة، وبناء على إعترافاتهم سيتم الإدعاء على مالكي الشركة نقولا ورالف فريحة، وستلجأ القاضية عون الى إصدار بلاغ بحث وتحر بحقهما إذا بقيا متواريين عن الأنظار، وفيما بعد سيكون مصيرهما بإصدار مذكرتي توقيف بحقهما.

ما يحاول مالكا الشركة عبر وكلائهما تسويقه لناحية أن الدجاج الفاسد كان سيتلف في الوقت المناسب، يتناقض مع إعترافات الموقوفين تقول المصادر المتابعة للملف، وما أدلى به أحد مسؤولي الشركة خلال ​مداهمة​ زكريت عن ان الدجاج الذي عثر عليه في ​المصنع​ كان سيستعمل في اليوم التالي وتاريخه يعود الى العام 2018، يشكل أمّ الفضائح في هذا الملف.

فضيحة الدجاج الفاسد إستفزت جميع اللبنانيين، لذلك ينتظر من القضاء و​الأجهزة الأمنية​ عملاً إستثنائياً ونتيجة واحدة، توقيف مالكي الشركة ومحاسبتهما بأشد العقوبات.