ليس مطلوباً أن يكون جميع الوزراء خبراء في كيفيّة اطلاق المواقف السّياسية أو غير السياسية، لكن الضعف في هذا المجال يتطلب منهم الابتعاد عن المنابر الاعلاميّة والتركيز على عملهم في وزاراتهم، خصوصاً عندما تكون تداعيات ما يطلقونه من مواقف كارثيّة.

هذا الواقع، لم يعد من الممكن السكوت عنه بعد اليوم، نظراً إلى أن بعض وزراء ​حكومة حسان دياب​ تخطّوا ما يمكن وصفه بالأخطاء الطبيعيّة، الأمر الذي من الضروري أن يتنبّه إليه رئيس الحكومة سريعاً، بالرغم من الزلاّت التي كان قد وقع بها هو نفسه، خصوصاً ما كان قد أعلن فيه أنه لن يستقيل بسبب غياب البديل، وبالتالي من الأفضل أن يبدأ بنفسه على هذا الصعيد.

طوال الفترة الماضية، كان المواطنون يطالبون أعضاء هذه الحكومة بأن يركّزوا على الأفعال بدل الشعارات الرنّانة، لا سيما أن الانجازات التي يتحدّثون عنها، على مدار الساعة، لم تظهر على أرض الواقع، إلا أنّ معظمهم، على ما يبدو، يصرّ على عدم الخروج من المربّع الذي وضع نفسه فيه.

في هذا المجال، قد يكون من المفيد سؤال وزير الداخلية والبلديات ​محمد فهمي​ عن جدوى التعليق الذي أدلى به، بالنسبة إلى زيارة وزير الخارجية الفرنسي ​جان إيف لودريان​ إلى بيروت، بغض النظر عن نتائج هذه الزيارة العمليّة، فهل من المقبول أن يخرج وزيراً في الحكومة ليقول أنه كان من الممكن أن يستعيض عنها باتصال هاتفي؟.

هل يدرك وزير الداخلية والبلديات أن ّحكومته كان من المفترض أن تستفيد من هذه الزيارة لتنفي الاتّهامات التي توجّه لها بأنها في عزلة دوليّة، وبالتالي من المفترض، على الأقل، استغلالها ولو في الشكل فقط، وفي حال كان لديه ملاحظات عليها كان من الممكن أن يعبّر عنها بطريقة دبلوماسيّة أو يحتفظ برأيه لنفسه، فلبنان ليس بحاجة إلى أزمة مع دولة تعلن أنّها راغبة في مساعدته، بشرط أن يقدّم الوزير فهمي وزملائه في الحكومة، على تنفيذ الإصلاحات المطلوبة منهم محلياً قبل أن تكون مطلوبة خارجياً.

قبل الوزير فهمي، كانت وزيرة شؤون المهجرين ​غادة شريم​ قد خرجت على اللبنانيين لتقول، نقلاً عن خبراء لم تسمّهم، أن سعر صرف الدولار لا يتعدى 3200 ليرة، الأمر الذي يتناقض مع كل الوقائع القائمة في السوق، لا سيما أن سعر الصرف المحدّدة من قبل جمعيّة المصارف، وهو الأدنى، يتخطّى 3800 ليرة، ما يفرض سؤالها أيضاً عن الخبراء الذين تستقي معلوماتها منهم.

العودة إلى مواقف بعض الوزراء الآخرين، تسمح بوضع الكثير من الأمثلة في هذا المجال، إلا أنّ الإشارة إلى موقف كل من الوزيرين فهمي وشريم يعود إلى أنهما كانا الأبرز في عطلة نهاية الاسبوع الماضي، وبالتالي ليس هناك من استهداف شخصي لهما، إلا أنّ ما يحصل بات ينطبق عليه المثل الشعبي القائل: "إذا كان الكلام من فضّة فإن السكوت من ذهب".

في المحصّلة، على أعضاء الحكومة الحاليّة أن يدركوا أنّ الرهان على قدرتهم على إيجاد الحلول للأزمات التي يعاني منها اللبنانيون لم يعد قائماً، بدليل تراجع نسبة المؤيّدين لها من الذين كانوا راغبين في منحها فرصة عند ولادتها، خصوصاً أنهم لم ينجحوا، حتى الآن، في الحدّ من سرعة الانهيار الحاصل، فهلاّ يقدمون خدمة وطنيّة بالابتعاد عن المواقف غير المفيدة في ظلّ المصائب المتنوّعة التي يمرّ بها المواطنون؟.