إنه يوم فضيحة ​الجيش الإسرائيلي​ المنهار معنوياً والفاقد لأعصابه.. لم يسبق أن شهدنا في تاريخ الصراع العربي الصهيوني أن كان «الجيش الأسطوري» في مثل هذا الموقف من الارتباك والضعف والوهن والخوف.. يتوهم بأنه تعرض لهجوم، فإذا به يشتبك مع نفسه، وهو ينتظر رد ​المقاومة​ على اعتدائه في دمشق والذي أدى إلى استشهاد أحد كوادر المقاومة.. فهذا الجيش الصهيوني، الذي كان قبل عام 2000 يصور على أنه قوة لا تُقهر ويثير الخوف والرعب لدى العرب، أصبح اليوم أوهى من بيت العنكبوت، وقوة مرعوبة وخائفة من هجمات المقاومة، لا بل أنه ينتظر ردّ المقاومة اليوم قبل الغد، كي ينتهي من حالة الانتظار القاتلة، ويطوي الصفحة مسلماً بمعادلات الردع وقواعد الاشتباك التي فرضتها المقاومة في أعقاب انتصاراتها المتتالية عليه..

إنّ ما حصل بالأمس في شمال ​فلسطين المحتلة​، أكد ما يلي:

أولًا، إن الجيش الإسرائيلي، الذي يعيش منذ أيام في حالة خوفٍ ورعبٍ من ردّ المقاومة، بات في حالة نفسية منهارة ويعاني ضباطه وجنوده من التوتر والهلوسة ما جعلهم يفقدون قدرة السيطرة على أعصابهم ويتوهّمون أنهم تعرّضوا لهجوم من قبل رجال المقاومة.. وهذا مؤشر قوي على نجاح المقاومة في ​تحقيق​ انتصار كبير في الحرب النفسية على جيش الاحتلال.. وأنّ هذه الحرب أتت أُكُلها حسب ​الصحافة​ الإسرائيلية.. حيث اعترفت صحيفة «يديعوت احرونوت» بأنّ «نصرالله نجح في إحراجنا واستنزافنا ذهنياً، ويمكن القول بثقة كبيرة إننا غير جيدين في حروب الأعصاب…»

ثانياً، إنّ المقاومة نجحت في إحداث تحوّلٍ كبير في الصراع مع العدو على جبهة الوعي.. فقيادة المقاومة تحصد اليوم نتائج نجاحها في خوض هذه المعركة بعد أن وظفت فيها انتصاراتها على جيش الاحتلال وعلى قوى ​الإرهاب​ التكفيري، وعززت قوتها الردعية، كماً ونوعاً، وهو ما أدى إلى نجاحها في تحطيم نفسية العدو وإحساسه بأنه يستطيع أن يفعل ما يشاء دون رادع، وأنه يملك القدرة على فعل ما يريد.. لكن كل هذا الإحساس والشعور بالقوة والكبرياء تبخر بفعل انتصارات المقاومة العسكرية، ونجاحها في تحقيق الانتصارات في الحرب النفسية.. وهذا هو المهم في ما حصل بالأمس.. القوة الصهيونية العسكرية تظهر أمام الرأي العام الإسرائيلي والعربي والعالمي، عاجزة، مرتبكة، خائفة، مرعوبة، واهنة، ضعيفة، مضطربة وفاقدة السيطرة لا تعرف ماذا يحصل في الميدان، هل هناك هجوم للمقاومة أم لا، هل هناك خلية للمقاومة تسللت وتمّ تصفيتها، أم انسحبت… إلخ… أليس هذا هو التأثير الكبير للحرب النفسية التي تشنها المقاومة من خلال جعل الجيش الإسرائيلي في حالة انتظار الردّ على قدميه، وهي صامتة لم تصدر بياناً تعلن فيه أنها ستردّ..

ثالثاً، إنّ ما حصل من الطبيعي أن يؤدي إلى تعميق مأزق عجز قوة الجيش الصهيوني، الذي يستند إليه كيان العدو في حماية مشروعه الاحتلالي الاستعماري العنصري.. وبالتالي ازدياد حالة الضعف في معنويات جنوده وانعدام ثقتهم بقدرتهم على مواجهة رجال المقاومة، وزيادة إحساسهم بالضعف في مواجهة المقاومين في ميدان القتال.. وهو ما يعززه ارتباك وتردّد ​القيادة​ الإسرائيلية، السياسية والعسكرية، في خوض غمار مواجهة واسعة مع المقاومة، والسعي دائماً إلى احتواء أيّ تصعيد قد يحصل، والعودة إلى الانضباط بقواعد الاشتباك التي فرضتها المقاومة..

رابعاً، إنّ ظهور الجيش الإسرائيلي وقيادته على هذه الصورة من الضعف والارتباك في مواجهة هجوم منتظر للمقاومة، ستكون له، بكلّ تأكيد، تداعيات سلبية على الرأي العام الإسرائيلي..

1 ـ زيادة انعدام مصداقيته بما يعلنه الجيش الإسرائيلي من بيانات عسكرية أو ما يصرّح به قادته…

2 ـ تكريس عدم الثقة بقدرة الجيش الإسرائيلي على حماية أمن واستقرار الكيان، وتحقيق النصر في أي معركة يخوضها مع المقاومة..

وبالقدر الذي تتزعزع فيه ثقة الرأي العام الإسرائيلي بقدرة ومصداقية جيشه، بالقدر الذي تزداد فيه ثقة الرأي العام اللبناني والعربي بمصداقية وقدرة مقاومتهم على ردع العدوانية الصهيونية وتحطيم جبروتها وكسر شوكتها وهيبتها وبالتالي حماية لبنان من التهديدات والأطماع الصهيونية والتأكيد على أهمية التمسك بالمقاومة وسلاحها.. وهو أمر يشكل ضربةً موجعةً لأهداف الحرب الاقتصادية الأميركية التي ترمي إلى زعزعة العلاقة بين المقاومة وجمهورها..

خلاصة القول، إنّ ما حصل كشف المزيد من عناصر الضعف والوهن لدى جيش العدو الصهيوني، وأكد في الوقت نفسه تنامي عناصر قوة المقاومة ومنظومتها الردعية.. التي تجسّدت في قدرتها على خوض الحرب النفسية، وتسجيل الانتصارات فيها، وتسعير التناقضات داخل الكيان الصهيوني وتعميق مأزقه، وكشف عجز وضعف قوته..