لفت نقيب المحررين ​جوزيف القصيفي​، إلى أنّ "​أرمينيا​ لم تمت، لم تسقطها المذابح الّتي أدمت الضمير الإنساني، ولوّثته بجائحة المصالح الّتي لا تقيم وزنًا للشعوب وحقّها في الحياة"، مشدّدًا على أنّ "أرمينيا لم تمت، لأنّ شعبها حيّ يصنع أقداره ولا يستسلم أبدًا، وقد انتصر الدم على السيف بإرادة الحياة الّتي لازمت ​الأرمن​ منذ نزوحهم المأسوي من مساقطهم بفعل ​العنف​ الأعمى الّذي قضي على ما يربو عن المليون ونصف المليون شهيد في ليلة أفل عنها الضمير، وسادت فيها روح الشرّ والانتقام".

وركّز في كلمة له خلال رعايته تكريم نقابة معلمي صناعة ​الذهب​ والمجوهرات في ​لبنان​، رئيسة تحرير صحيفة "آرارات" الصحافية آني صرافيان، في احتفال في مقرّ ​نقابة المحررين​ في الحازمية، على أنّ "الشعب الأرمني انتصر لقضيّته بحفاظه على لغّته وتراثه وتقاليده وثقافة عيشه. حافظ بالقلم، والازميل، والريشة، والحرفة، وكان دعامة رئيسة للمجتمعات المضيفة الّتي فتحت له القلب قبل الباب، ولم يكن عالة عليها". وبيّن أنّه "رَفض الصدَقة ومنطق الإعاشة والاستعطاء. أَصَرّ على امتلاك أدوات الإنتاج لإعادة بناء كينونته وتثبيت دوره، وتأكيد حضوره من خلال حرف يجيدها. أدهش العالم بقدرته على النهوض وبناء الذات. وفي لبنان و​سوريا​ وسواهما من بلدان الجوار، أعاد صوغ قدراته، وبات رقمًا صعبًا في منظومة اقتصادها الوطني".

وأشار القصيفي إلى أنّ "نقابة معلمي صناعة الذهب والمجوهرات في لبنان" برئاسة بوغوص كورديان، تكرّم صرافيان، وهي من سلالة هؤلاء الأبطال الّذين استنبتوا من الموت حياة، واستَولدوا من الظلمة نورًا، وكتبوا مستقيمًا على خطوط متعرّجة. وهي حافظت على الأمانة، والتزمت خدمة قضيّتها بالكلمة الحق، وحقّ الكلمة، صحافية في جريدة "آرارات" اليوميّة السياسيّة الّتي تصدر باللغة الأرمنية، وأقول الناطقة باللغة الأرمنيّة لأنّها لبنانيّة أوّلًا في مضمونها، تواكب هموم الوطن بكلّ تشعبّاتها وتعقيداتها. الأرمن أوفياء للبنان ولقضاياه، ورجالاتهم في كلّ مجال، كانوا منارات مشعّة تضيء وتهدي، ومبدعوهم كانوا وما زالوا علامات فارقة على جبين الوطن".

وأكّد أنّ "صرافيان المنتمية إلى ​نقابة محرري الصحافة​ اللبنانية، قامة نعتزّ بها ونشمخ، لأنّها سخّرت وتسخّر مواهبها في سبيل الوطن الّذي أبصرها النور، وقضيّتها الأم الّتي تمثّل وجعًا مقيمًا ضاغطًا على ضمير الإنسانية، ما دام هناك من ينكر حصول الفظائع الّتي طاولت شعبا بأسره. كاتبة من الطراز الرفيع، متعدّدة اللغة طاقة كبيرة، أفق واسع، قلم رشيق، وحضور آسر".

من جهتها، شدّدت صرافيان على "أنّنا سنتابع رسالتنا في لبنان وفي الطائفة الأرمنية مع كلّ مندوبينا ومراسلينا في دول عدّة، لنستمر في رسالتنا مواكبين التطوّر التكنولوجي عبر موقعنا الإلكتروني الّذي يوصل فكرنا الحر وكلمتنا الحرة إلى العالم بأسره. وفي هذه المناسبة العزيزة، أعلن لكم أنّ جريدة "آرارات" باتت اليوم في أيدي شيوخ الأرمن وشبانها وشاباتهم. وسنكمل على هذا الدرب بإذن الله".

أمّا الوزير السابق ​ريشارد قيومجيان​، فلفت إلى أنّ "لقاءنا في نقابة المحررين وفي حضرة النقيب القصيفي، له معان عديدة وكبيرة. له معنى كبير لحرية الصحافة الّتي يجسّدها القصيفي منذ عقود إلتقينا معه فيها على حريّة لبنان وكرامته وسيادته. وهناك، ربّما لم يعرف إنّ القصيفي، هو من المناضلين القدامى الّذين دافعوا عن لبنان وعن الحريّة فيه. ومن الطبيعي أن يتوّج مسيرته النضالية بالتربّع على رأس نقابة محرري الصحافة الّتي تدافع عن الحريات العامة وحريّة الكلمة و​حرية التعبير​ والفكر الحر".

كما أوضح أنّ "لبنان والأرمن والحرية يختصرون معنى وجود هذا الوطن. نحن لم نأتِ إلى لبنان صدفة، بل جئنا إلى لبنان وبقينا فيه لأنّه بلد الحريّات وواحة حريّة. في لبنان أعدنا بناء كنائسنا ومدارسنا وجامعتنا. الأرمن موجودون في كثير من دول العالم وفي ​الشرق الأوسط​، لكن البطريركيات في لبنان، لأنه الضامن والحامي لحريتنا ولوجودنا والحامي لإيماننا بالله. وجودنا في لبنان ليس صدفة".

وبيّن أنّ "هناك من حاول القضاء على الشعب الأرمني وإبداته، ولكن نحن مثل طائر الفينيق ومثل لبنان نقوم دائمًا من تحت الركام والردم، وقمنا وتابعنا مسيرتنا الإيمانيّة والثقافيّة والحضاريّة. طبعًا، ​حزب الهنشاك​ أدّى دورًا كبيرًا ومعه جريدة "آرارات" للمحافظة على هذا التراث واللغة وللمحافظة على الحضارة والفكر الأرمني في كلّ أبعاده".